المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مالك بن الريب: شاعر رثى نفسه!


ذوالجناح
17-04-2010, 05:15 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مالك بن الريب التميمي كان قاطعا للطريق فاتكاً وكان من أجمل الناس وجها. استصلحه سعيد بن عثمان بن عفان وصحبه معه إلى خراسان حين ولاه عليها معاوية بن أبي سفيان. مرض في سفره وقيل لدغته أفعى فلما أشرف على الموت قال قصيدة في رثاء نفسه، وهي من غرر الشعر العربي.
وقد نقل الأصفهاني في الأغاني عن أبي عبيدة أن ماقاله مالك ثلاثة عشر بيتا والباقي منحول نحله عليه الناس. والله أعلم.


أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً= بِجَنبِ الغَضا أُزجي القَلاصَ النَواجِيا
فَلَيتَ الغَضا لَم يَقطَعِ الرَكبُ عرضه= وَلَيتَ الغَضا ماشى الرِّكابَ لَيالِيا
وَلَيتَ الغَضا يَومَ اِرتَحلنا تَقاصَرَت =بِطولِ الغَضا حَتّى أَرى مَن وَرائِيا
لَقَد كانَ في أَهلِ الغَضا لَو دَنا الغَضا= مَزارٌ وَلَكِنَّ الغَضا لَيسَ دانِيا
أَلَم تَرَني بِعتُ الضَلالَةَ بِالهُدى= وَأَصبَحتُ في جَيشِ اِبنِ عَفّانَ غازِيا
وَأَصبَحتُ في أَرضِ الأَعاديِّ بَعدَما= أرانِيَ عَن أَرضِ الأَعادِيِّ نائِيا
دَعاني الهَوى مِن أَهلِ أَودَ وَصُحبَتي= بِذي الطَّبَسَينِ فَالتَفَتُّ وَرائِيا
أَجَبتُ الهَوى لَمّا دَعاني بِزَفرَةٍ =تَقَنَّعتُ مِنها أَن أُلامَ رِدائِيا
أَقولُ وَقَد حالَت قُرى الكُردِ بَينَنا =جَزى اللَّهُ عَمراً خَيرَ ما كانَ جازِيا
إِن اللَّهَ يُرجِعني مِنَ الغَزوِ لا أَكُن =وَإِن قَلَّ مالي طالِباً ما وَرائِيا
تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَت وَشكَ رحلَتي= سفارُكَ هَذا تارِكي لا أَبالِيا
لَعَمرِي لَئِن غالَت خُراسانُ هامَتي= لَقَد كُنتُ عَن بابَي خُراسانَ نائِيا
فَإِن أَنجُ مِن بابَي خُراسانَ لا أَعُد= إِلَيها وَإِن مَنَّيتُموني الأَمانِيا
فَللَّهِ درِّي يَومَ أتركُ طائِعاً= بَنِيَّ بِأَعلى الرَقمَتَينِ وَمالِيا
وَدَرُّ الظباءِ السانِحاتِ عَشِيَّةً =يُخَبِّرنَ أَنّي هالِكٌ مِن وَرائِيا
وَدَرُّ كَبيرَيَّ اللَذين كِلاهُما =عَلَيَّ شَفيقٌ ناصِحٌ لَو نَهانِيا
وَدَرُّ الرِّجالِ الشاهِدينَ تَفتكي= بِأَمرِيَ أَلا يقصِروا مِن وَثاقِيا
وَدَرُّ الهَوى مِن حَيثُ يَدعو صَحابَتي= وَدَرُّ لُجاجَاتي وَدَرُّ اِنتِهائِيا
تَذَكَّرتُ مَن يَبكي عَلَيَّ فَلَم أَجِد =سِوى السَّيفِ وَالرُّمحِ الرُدَينِيِّ باكِيا
وَأَشقَرَ مَحبوكٍ يَجُرُّ عَنانَهُ =إِلى الماءِ لَم يَترُك لَهُ المَوتُ ساقِيا
وَلَكِن بِأَكنافِ السُمَينَةِ نسوَةٌ =عَزيزٌ عَلَيهِنَّ العشيةَ ما بِيا
صَريعٌ عَلى أَيدي الرِجالِ بِقَفرَةٍ= يُسَوُّونَ لحدي حَيثُ حُمَّ قَضائِيا
وَلَمّا تَراءَت عِندَ مَروٍ منِيتي= وَخَلَّ بِها جِسمي وَحانَت وَفاتِيا
أَقولُ لأَصحابي اِرفَعوني فَإِنَّهُ= يَقَرُّ بِعَيني أَن سُهَيلٌ بَدا لِيا
فَيا صاحِبي رَحلي دَنا المَوتُ= فَاِنزِلا بِرابِيَةٍ إِنّي مُقيمٌ لَيالِيا
أقيما عَلَيَّ اليَومَ أَو بَعضَ لَيلَةٍ =وَلا تُعجلاني قَد تَبَيَّنَ شانِيا
وَقوما إِذا ما اِستُلَّ روحي فَهَيِّئا= لِيَ السّدرَ وَالأَكفانَ عِندَ فَنائِيا
وَخُطّا بِأَطرافِ الأَسِنَّةِ مَضجَعي= وَرُدَّا عَلى عَينَيَّ فَضلَ ردائِيا
وَلا تَحسداني بارَكَ اللَّهُ فيكُما= مِنَ الأَرضِ ذاتَ العَرضِ أَن توسِعا لِيا
خُذاني فَجُرّاني بِثَوبي إِلَيكُما =فَقَد كُنتُ قَبلَ اليَومِ صَعباً قيادِيا
وَقَد كُنتُ صَبَّاراً عَلى القرنِ في الوَغى= ثَقيلاً عَلى الأَعداءِ عَضباً لِسانِيا
وَقَد كُنتُ مَحموداً لَدى الزادِ وَالقِرى= وَعَن شَتمِيَ اِبنَ العَمِّ وَالجارَ وانِيا
فَطَوراً تَراني في ظلالٍ وَنِعمَةٍ =وَطَوراً تَراني وَالعِتاقُ رِكابِيا
وَيَوماً تَراني في رحىً مُستَديرَةٍ= تُخَرِّقُ أَطرافُ الرِماحِ ثِيابِيا
وَقوما عَلى بِئرِ السَّمينَةِ أسمعا= بِها الغُرَّ وَالبيضَ الحِسانَ الروانِيا
بِأَنَّكُما خَلَّفتُماني بِقَفرَةٍ =تُهيلُ عَلَيَّ الريحُ فيها السَّوافِيا
وَلا تَنسَيا عَهدي خَليلَيَّ بَعدَما= تَقطعُ أَوصالي وَتَبلى عِظامِيا
وَلَن يَعدَمَ الوالونَ بَثّاً يُصيبُهُم= وَلَن يَعدَمَ الميراثَ مِنّي المَوالِيا
يَقولونَ لا تَبعُد وَهُم يَدفِنونَني=وَأَينَ مَكانُ البُعدِ إِلا مَكانِيا
غَداةَ غَدٍ يا لَهفَ نَفسي عَلى غَد=ٍ إِذا أدلجوا عَنّي وَأَصبَحتُ ثاوِيا
فَيا لَيتَ شِعري هَل تَغَيَّرَتِ الرَّحا= رحا المُثلِ أَو أَمسَت بِفَلجٍ كَما هِيا
إِذا الحَيُّ حَلَّوها جَميعاً وَأنزلوا= بِها بَقَراً حُمَّ العُيونِ سَواجِيا
رَعَينَ وَقَد كادَ الظَّلامُ يُجِنُّها =يَسفنَ الخُزامى مَرَّةً وَالأَقاحِيا
وَهَل أَترُك العيسَ العَوالي بِالضُحى= بِرُكبانِها تَعلو المِتانَ الفَيافِيا
إِذا عُصَبُ الرُكبانِ بَينَ عُنَيزَةٍ= وَبولانَ عاجُوا المُبقِياتِ النَواجِيا
فَيا لَيتَ شِعري هَل بَكَت أُمُّ مالِكٍ =كَما كُنتُ لَو عالَوا نَعِيَّكِ باكِيا
إِذا متُّ فَاِعتادي القُبورَ وَسَلِّمي= عَلى الرَمسِ أُسقيتِ السَحابَ الغَوادِيا
عَلى جَدَثٍ قَد جَرَّتِ الريحُ فَوقَهُ= تُراباً كَسَحقِ المَرنُبانِيِّ هابِيا
رَهينَةُ أَحجارٍ وَتُربٍ تَضَمَّنَت= قَرارَتُها مِنّي العِظامَ البَوالِيا
وَعَرِّ قَلوصي في الرِّكابِ فَإِنَّها= سَتَفلِقُ أَكباداً وَتبكي بَواكِيا
وَأَبصَرتُ نار المازِنِيَّاتِ موهِناً =بِعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّرفُ رانِيا
بِعودِ النّجوج قد أَضاءَ وَقودُها= مَهاً في ظِلالِ السِّدرِ حوراً جَوازِيا
غَريبٌ بَعيدُ الدارِ ثاوٍ بِقَفرَةٍ= يَدَ الدَّهرِ مَعروفاً بِأَن لا تَدانِيا
تَحَمَّلَ أَصحابي عَشاءً وَغادَروا =أَخا ثِقَةٍ في عَرصَةِ الدارِ ثاوِيا
أُقَلِّبُ طَرفي حَولَ رَحلي فَلا أَرى= بِهِ مِن عُيونِ المُؤنِساتِ مُراعِيا
وَبِالرَّملِ مِنّا نسوَةٌ لَو شَهِدنَني =بَكَينَ وَفَدَّينَ الطَبيبَ المُداوِيا
وَما كانَ عَهدُ الرَّملِ عِندي وَأَهلِهِ= ذَميماً وَلا وَدَّعتُ بِالرَّملِ قالِيا
فَمِنهُنَّ أُمّي وَاِبنَتايَ وَخالتي= وَباكِيَةٌ أُخرى تهيجُ البَواكِيا


تحياتي: ذوالجناح

فلسطيني
17-04-2010, 05:20 PM
مشكور و يعطيك العافيه اخوي

ابو زكريا
17-04-2010, 06:13 PM
عزيزي ذا الجناح انت فعلاً مبدع في اختيارك



وقال أحد الشعراء في رثاء نفسه...






ويل لمـن لـم يرحـم الله
ومن تكون النـار مثـواه
واغفلتا في كل يوم مضى
يذكرني المـوت وأنسـاه
من طال في الدنيا به عمره
وعاش فالموت قصـاراه
كأنه قد قيل فـي مجلـس
قد كنـت آتيـه وأغشـاه
محمد صـار إلـى ربـه
يرحمـنـا الله وإيـــاه





مع الشكر... للفاضل...ذا الجناح...

سالي الفلسطينية
17-04-2010, 06:44 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...
لك مني أجمل تحية .

أبو يوسف
17-04-2010, 07:39 PM
استصلحه سعيد بن عثمان بن عفان وصحبه معه إلى خراسان حين ولاه عليها معاوية بن أبي سفيان.

جزاك الله خيرا اخي ذو الجناح

وكان فاتكاً لصا , يصيب الطريق مع شظاظٍ الضبي الذي يضرب به المثل وهو الذي يقول :


سيغنيني المليك ونصل سيفي= وكرات الكميت على التجاري

وحبس في مكه , فشفع فيه شماس بن عقبة المازني فاستنقذه وهو القائل في الحبس :


أتلحق بالريب الرقاق ومالك= بمكة في سجن يعنيه راقبه


ثم لحق ب / سعيد بن عثمان بن عفان فغزا معه خرسان , فلم يزل بها حتى مات , ولما حضرته الوفاة قال تلك القصيدة التي يعتبرها العرب من أجود المراثي حيث رثى بها نفسه قبل الموت وقد روي أن مالك بن الريب اشتهر في أوائل العصر الأموي , وهجا / الحجاج بن يوسف الثقفي بقصيدة منها هذا البيت :


فلولا بنو المروان كان ابن يوسف= كما كان عبدا من عبيد إياد


فطلبه / الحجاج بن يوسف , فهرب وصار يقطع الطريق مدة حتى لقيه / سعيد بن عثمان بن عفان الذي استصلحه واصطحبه مجاهدا إلى خرسان ويقول مالك في ذلك :


ألم ترني بعت الضلالة بالهدى= وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا


.

الدمشقي
18-04-2010, 12:30 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك أخي ذو الجناح
والشكر موصول للأخوة على التفاعل الجميل
لكم مني أجمل تحية .

المغربي الجديد
18-04-2010, 03:03 AM
جزاك الله خيرا اخي ذا الجناح
تحفة اتحفتنا بها تعتبر من روائع شعر الرثاء
وقد لحنها مطرب اظن يمني وتغنى بها فكانت روعة الروائع
فالكاسيط عندي ولكن كيف السبيل لرفعها اليكم
وقد ابتدأ الاغنية من هذا البيت:
وَلَمّـا تَـراءَت عِنـدَ مَـروٍة منِيتـي
وَحل بِهـا سقمي وَحانَـت وَفاتِيـا
أَقـولُ لأَصحابـي اِرفَعونـي فَـإِنَّـهُ
يَقَـرُّ بِعَينـي أَن سُهَيـلٌ بَـدا لِـيـا
فَيـا صاحِبـي رَحلـي دَنـا المَـوتُ
فَاِنـزِلا بِرابِيَـةٍ إِنّـي مُقيـمٌ لَيالِيـا
أقيما عَلَـيَّ اليَـومَ أَو بَعـضَ لَيلَـةٍ
وَلا تُعجلانـي قَـد تَبَـيَّـنَ شانِـيـا
وَقوما إِذا مـا اِستُـلَّ روحـي فَهَيِّئـا
لِـيَ السّـدرَ وَالأَكفـانَ عِنـدَ فَنائِيـا
وَخُطّا بِأَطـرافِ الأَسِنَّـةِ مَضجَعـي
وَرُدَّا عَلـى عَينَـيَّ فَضـلَ ردائِـيـا
وَلا تَحسدانـي بـارَكَ اللَّـهُ فيكُـمـا
مِنَ الأَرضِ ذاتَ العَرضِ أَن توسِعا لِيا
خُذانـي فَجُرّانـي بِثَوبـي إِلَيكُـمـا
فَقَد كُنتُ قَبـلَ اليَـومِ صَعبـاً قيادِيـا
بصراحة لحنها جميل اخاذ وقد استمعت اليها في اواخر السبعينات باذاعة طنجة وو فرها لي اخي وصديقي الصحافي الشاعر عبد اللطيف بن يحيى امده الله
بالصحة و العافية
تسلم الايادي
:abc_152:

أبو صخر
20-04-2010, 02:29 PM
كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟

ذوالجناح
20-04-2010, 03:09 PM
جزاكم الله خيرا على المرور إخواني

كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟
حياك الله أباصخر:
الحمدلله بألف خير. وأشكرك على السؤال عن حالي أخي العزيز.

المغربي الجديد
20-04-2010, 06:17 PM
تصويب
بعد حوار مع الاخ الحبيب ذو الجناح تاكد ان الفنان الذي تغنى بتلك الابيات بحريني وليس يمني فمعذرة

الهمام
23-04-2010, 04:36 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ذوالجناح
23-04-2010, 04:46 PM
جزاكم الله خيرا على المرور و الإضافات
بارك الله فيكم