المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلامية في الأدب


المغربي الجديد
11-04-2010, 07:19 PM
قد دفعني رد اخي الغالي ابو يوسف على موضوع كتاب المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا " للناقد فيليب فان تيغيم (http://www.abc4web.net/vb/showthread.php?p=63153#post63153)
للبحث في عن اثر العقيدة الاسلامية في الادب العربي وفوجئت بوجود دراسة متكاملة نوعا ما ولكن للاسف سقط عنها اسم صاحبها لشكره والدعاء له ولك الحمد لله على الاسلام فالدعاء يصل اليه بظهر الغيب بغير تسمية انما بعمله وجهده
فاللهم بارك له وبه ومتعه بالصحة والعافية واحفظه من كل سوء وان كان مات فاشمله بعفوك ورحمتك وتجاوز عن سيئاته وزد في احسانه
اللهم آمين

الإسلامية في الأدب


الإسلامية (في الأدب) هي انطلاق الأديب في العملية الإبداعية من رؤية أخلاقية تبرز مصداقيته في الالتزام بتوظيف الأدب لخدمة العقيدة والشريعة والقيم وتعاليم الإسلام ومقاصده، وتبين إيجابيته عند معالجة قضايا العصر والحياة، التي ينفعل بها الأديب انفعالاً مستمراً، فلا يصدر عنه إلا نتاج أدبي متفق مع أخلاق الإسلام وتصوراته ونظرته الشاملة للكون والحياة والإنسان، في إطار من الوضوح الذي يبلور حقيقة علاقة الإنسان بالأديان، وعلاقته بسائر المخلوقات فرادى وجماعات، وبشكل لا يتصادم مع حقائق الإسلام، ولا يخالفها في أي جزئية من جزئياتها ودقائقها.

معيار الإسلامية:


1. الالتزام: ويعني وجوب تقيد الأديب بإشاعة الرؤية العقدية في تيار العمل الأدبي المتدفق خدمة للعقيدة والشريعة والقيم الإسلامية والأخلاق وكليات الإسلام ومقاصده، وأهدافه العامة وبشرط ألا يخالف الإحساس الفطري بحقائق الإسلام.

2 . المصداقية: وتعني قدرة الأديب على إعطاء المتلقي إحساساً صادقاً في كافة أعماله الأدبية بأنها قد صدرت عن تصور إسلامي، ودعوة إلى مكارم الأخلاق، وإشاعة الخير والمعروف، ونأي عن كل ما هو منكر وغير مألوف في الوجدان الإسلامي، فإذا كانت بعض أعمال الأديب فقط هي التي تتسم بالمصداقية الإسلامية، فإن ذلك لا يكفي لرفعه إلى مصاف أنصار الإسلامية.

3 . الوضوح: الإسلامية جوهر ومظهر، أو مضمون وشكل، لذا يجب أن يكون مضمون العمل وشكله معاً من الوضوح، في الدلالة على الإسلامية، بحيث يتسنى لأي متلق، أن يصنف الأديب، بسهولة، ضمن أنصار الإسلامية، بمجرد إطلاعه على مجمل أعماله.

4. الإيجابية: وتعني أنه لا يكفي في الأديب المنتمي إلى الإسلامية، أن يلتزم بالتصور العقدي الإسلامي، ولا يخالفه، بل يجب عليه فضلاً عن ذلك، أن يكون إيجابياً في توجهه، فيقف مع الإسلام، ويدافع عنه، ويتصدى لمناهضيه، فكراً وقولاً وعملاً وسلوكاً، فالإسلامية تستلزم اتخاذ الأديب موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على دفاع صاحبه عن عقيدته في كل الظروف والأحوال.
5. القدرة: وتعني قدرة الأديب على إفراغ العمل الأدبي في الإطار الشكلي الذي يخدم الموضوع، ويناسب المضمون، ويشد القارئ ويقنع المتلقي بوجه عام.

6. الاستمرارية: وتعني وجوب قيام الأديب المنتمي للإسلامية بتعميق انتمائه باستمرار، فإن أصبح غير قادر على العطاء الإسلامي، فيجب ألا يصدر عنه ما يعارض صراحة أو ضمناً أعماله السابقة التي تتسم بالإسلامية، وقد يكون للاستمرارية معنى أخص، بالنسبة لمن كانوا غير ملتزمين من قبل ثم انتموا للإسلامية، إذ تعني الاستمرارية عدم عودتهم إلى مثل ما كانوا عليه قبل التزامهم، وقد نلمح هذا عند كعب بن زهير وحسان بن ثابت وغيرهما من الشعراء المخضرمين.

التأسيس وأبرز الشخصيات:


* كعب بن زهير رض الله عنه: من الممكن توسيع دائرة الإسلامية في الأدب لتبدأ بكعب بن زهير، ذلك أن الإسلامية إطار عام، لا يمكن نسبته إلى شخص بعينه أو زمن بعينه في العالم الإسلامي، وعندما جاهد بعض علماء الإسلام في سبيل تكوين مدرسة للأدب الإسلامي فإنهم في الحقيقة، كانوا يريدون التعبير عن مضمون أعمق من مجرد الإطار الشخصي هو النزعة الإسلامية في الأدب أو في كلمة واحدة "الإسلامية Islamism" وهي نزعة يمكن أن نلمحها من لحظة إلقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بردته على كعب بن زهير عندما أنشده قصيدته اللامية في مدحه صلى الله عليه وسلم، فسر بالتزامه ومصداقيته، وصحح له الشطرة التي تقول: "مهند من سيوف الهند مسلول" إلى "مهند من سيوف الله مسلول" فهذا شعر ذو هدف نبيل وغاية شريفة في مجال الدعوة بلا غلوٍ ولا تجاوز، وهي نزعة حبذها الزمخشري في الكشاف بعبارات جليلة.


* حسان بن ثابت رض الله عنه: حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من الشعراء المخضرمين الذين حضرا الجاهلية والإسلام، وقد أسلم مع السابقين من الخزرجيين، ومنذ شرح الله صدره للإسلام وهو شاعر العقيدة الذي يسجل أحداث المسلمين، ويمجد غزوات الرسول، ويرد على شعراء المشركين بجزالة، قال النثر والنظم في بيان عظمة الإسلام والدعوة إلى التأدب بآدابه والعمل بأحكامه، قد سفه قريشاً في أشعاره، ونوه بالقرآن الكريم كمصدر أول للتشريع الإسلامي وأساساً لشريعة الحق ونبي الهدى، وبين بجلاء دور الأدب في بيان حقائق الإسلام، وقال أفضل أشعاره يوم قريظة وفي غزوة الأحزاب وفي رثائه لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بين أن قيمة الإسلام تكمن في التوحيد.


* عبدالله بن رواحة رض الله عنه: كان أحد شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين نافحوا عن الرسالة، ورغم أنه استشهد في السنة الثامنة من الهجرة، وأن ما وصل إلينا من شعره كان قليلاً، إلا أن ما كتبه كان يجسد أهم قيم الإسلام كالشجاعة النابعة من أعماقه، والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والحرص على التمسك بالدين والدفاع عنه، وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا فقد كان عبدالله بن رواحة –بحق- رائد شعر الجهاد الإسلامي، تشهد على ذلك أشعاره. يقول الدكتور محمد بن سعد الشويعر: "من اللفتات النبوية الكريمة استمد عبدالله بن رواحة التوجه إلى الطريق الأمثل، الذي يجب أن يسلكه الشعر الإسلامي، والإطار الذي يحسن أن يبرز فيه: صدق في التعبير، وسلامة في المقصد، وعدم الفحش في ذكر المثالب، أو النيل من الأعراض، واعتدال في القول".

* عمر بن الخطاب رض الله عنه: ربما كان العقاد من أكثر الكتاب التزاماً بالإسلامية في الأدب، في مواجهة تيار التغريب الذي قاده طه حسين، ولذا فإن كلام العقاد له وزنه في هذا الصدد ومما قاله في عبقرية عمر:
كان عمر بن الخطاب أديباً مؤرخاً فقيهاً (ص344) عظيم الشغف بالشعر والأمثال والطرف الأدبية، وكان يروي الشعر ويتمثل به، ولم يزل عمل الخليفة هو عمر الأديب طوال حياته، لم ينكر من الشعر إلا ما ينكره المسؤول عن دين، أو القاضي المتحرز الأمين، ولذا فقد نهى عن التشبيب بالمحصنات، ونهى عن الهجاء، وأعجبته الأشعار التي تنطوي على معان سامية، دعى إليها الإسلام، وكان يرى أن للشعر غاية تعليمية تربوية فقد كتب إلى أبي موسى الأشعري قائلاً: مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب.. وقال لابنه يا بني.. احفظ محاسن الشعر يحسن أدبك.. فإن من لم يحفظ محاسن الشعر لم يؤد حقاً ولم يقترف أدباً.

وفي معايير الإسلامية قال: "ارووا من الشعر أعفه ومن الحديث أحسنه.. فمحاسن الشعر تدل على مكارم الأخلاق وتنهى عن مساويها".


* عمر بن عبد العزيز رض الله عنه: يعتبر عمر بن عبد العزيز من أبرز مؤسسي الإسلامية على الإطلاق لأنه لم يكتف بالحديث عن وجوب الالتزام والتقيد التام بالإسلام عند مباشرة المعالجة الأدبية، بل قدم أسلوباً عملياً لذلك، في موقف كان يمكن أن يتقبل فيه الناتج الأدبي المنطوي على مدحه، ولكنه قدم درساً تطبيقياً في الحيلولة دون تخطي الأدب غاية الإسلامي فقد منع الشعراء أن يمدحوه، فلما ألح عليه كثير بن عبد الرحمن في إنشاده، وضع معيار الحقيقة كأساس لقبول سماع الإبداع الشعري، فقد قال لكثير: نعم. ولا تقل إلا حقاً.


* ابن قتيبة وآخرون: فضل ابن قتيبة الشعر الذي ينطوي على فائدة في المعنى، سواء تعلق هذا المعنى بالقيم الدينية أو الخلقية أو الحكم. مثله كذلك مهلهل بن يموت بن المزرع وابن وكيع التنيسي والثعالبي وعمرو بن عبيد، ومسكويه وابن شرف القيرواني وابن حزم الذي نهى عن الغزل وغالى في وضع القيود على الأدب لتحقيق الإسلامية حسبما تصورها، رغم أنه خرج على ذلك أحياناً كثيرة في طوق الحمامة.

ولا شك أن الشعر مجرد فن من فنون الأدب ولكن ضوابطه الإسلامية ومعاييرها بشأنه تصلح لكل فروع الأدب.

* علي أحمد باكثير: يوصف بأنه من طلائع الإسلامية في الأدب في مجال الشعر والقصة والمسرحية، وكان لنشأته وبنائه الفكري واتساع أفقه وتنوع مصادره الثقافية أكبر الأثر في تكوين شخصيته وقلمه، ولذا كتب المسرحية الحديثة عن فهم ووعي وعن دراسة وتعمق في معرفة أصول الصنعة المسرحية.

ولقد كان الموجه الرئيسي لباكثير في فنه الأدبي هو عقيدته الإسلامية وقيمها وتصوراتها الصائبة للحياة.

* مصطفى صادق الرافعي: كانت الإسلامية في أدبه تياراً متدفقاً، فقرظ محمود سامي البارودي شعره الملتزم، وأثنى عليه مصطفى لطفي المنفلوطي، وحيَّاه الشيخ محمد عبده قائلاً: "أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل" وقد كان. ففي كافة مؤلفاته وأشعاره ودراساته ونثره، جعل الإسلام غايته وخدمة عقيدة التوحيد مقصده وبغيته.

* أحمد شوقي: كانت الإسلامية واضحة في بعض أشعار أحمد شوقي، ولم يكن يلتزم في هذه الأشعار بالمقاصد الإسلامية فقط، بل إنه خاض بعض معارك الدفاع عن المبادئ الإسلامية وقضاياه، فقد بين أن الحرب في الإسلام لم تكن حرب عدوان وإنما كانت حرب جهاد ودفاع، وبين أن الإسراء كان بالروح والجسد معاً، وربط بين المفاهيم الدينية وبين قضايا النضال واليقظة والتحرر ودافع عن الفضائل الإسلامية والحرية والنظام والشورى، ويمكن القول كذلك أن حافظ إبراهيم رغم ثقافته الأزهرية المتواضعة وأحمد محرم شاعر العروبة والإسلام كانا يستظلان كذلك بظل الإسلامية في أدائهما الملتزم.

* محمد إقبال: وفكرة الإسلامية عند الشاعر محمد إقبال 1873 تستلزم توافر ثلاث مراحل: الأولى: الوقوف على المقاصد الشرعية التي بينها الدين الإسلامي فهي حقائق أبدية لا تتغير،
والثانية: الجهاد الديني في سبيل تحقيقها كل في مجاله، وعلى الأديب أن يعتصم في سبيل ذلك بالصبر وهذا يستلزم الانقياد التام لأمر الله تعالى عن عقيدة ثابتة وإيمان راسخ، ومحاربة نوازع النفس. وثالثها: انطلاق الذوات الإسلامية كلها لتحقيق أهداف الأمة الإسلامية.

* الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي: في 2 ربيع الأول1405هـ (24/11/1948م) أعلن الشيخ الأديب والمفكر الداعية أبو الحسن علي الحسني الندوي في لقاء ضم الكثير من مفكري وأدباء العالم الإسلامي عن ولادة رابطة الأدب الإسلامي، التي أعطت الأدب الإسلامي كياناً متميزاً عن بقية المذاهب الأدبية الأخرى،

* الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا: -رحمه الله- نائب رئيس الرابطة للبلاد العربية، وكان أستاذاً للأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعودالإسلامية ويعتبرمن أوائل من نظرللإسلامية ودافع عن الأدب الإسلامي.

* الدكتور عبد القدوس أبو صالح:أستاذ الأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ونائب رئيس الرابطة ورئيس مكتب البلاد العربية.

* الشيخ محمد الرابع الندوي: نائب رئيس الرابطة ورئيس مكتب الهند.

* الأستاذ محمد حسن بريغش: أمين سر الرابطة للبلاد العربية وعضو مجلس الإفتاء في الرابطة.

* الدكتورعدنان رضا النحوي:الشاعر والأديب السعودي وعضو مجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي العالمية.

* الأستاذ محمد قطب: المفكر والداعية المعروف، والأستاذ في جامعة الملك عبدالعزيز وعضو الشرف في الرابطة، فقد تابع جهود شقيقه سيد قطب –رحمه الله- في الإسلامية في الأدب.

* الدكتور عبد الباسط بدر: الأستاذ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأمين سر مجلس أمناء الرابطة.

* الدكتور حسن الأمرانيمغربي): عضو رابطة الأدب الإسلامي ورئيس تحرير مجلة "المشكاة" التي تعني بالأدب الإسلامي.

* الدكتور محمد مصطفى هدارةمصري) عضو الرابطة والأستاذ في جامعة الإسكندرية.. وهو أول من أظهر حقيقة مذهب الحداثة الفكري والأدبي وأهدافه الهدامة.

* الدكتور عبد الرحمن العشماوي: وهو يعتبر أبرز الأصوات الشابة الملتزمة بالإسلام والمدافعة عن القضايا الإسلامية والتصور الإيماني.

الأفكار والمعتقدات:


جعل التصور الإسلامي الصحيح للإنسان والكون والحياة، أهم أركان العمل الأدبي أياً كان نوعه. الالتزام بالتصور الإسلامي، لا يعني التوجيه القسري على غرار ما يفعله أصحاب التفسير المادي للتاريخ وإنما هو أخذ النفس البشرية بالتصور الإسلامي للحياة في سائر فنون الأدب، وبذا تتميز الإسلامية عن فكرة الالتزام عند كل من الواقعية والاشتراكية والوجودية، فالالتزام عند الأولى بقضايا الجماهير حسب المفهوم الماركسي المنهار، والالتزام عند الثانية –في النثر فقط دون الشعر- بقضايا الحرية حسب المفهوم الوجودي فحسب.

التعبير المؤثر، له أهمية في مجال الأدب ولا يستغنى عنه بحجة سلامة المضمون، وبذلك يتميز الأدب عن الكلام العادي، فذلك مما يحقق غاية الإسلامية.
وغاية الإسلامية هي وجود أدب هادف، فالأديب المسلم لا يجعل الأدب غاية لذاته كما يدعو أصحاب مذهب: (الفن للفن) وإنما يجعله وسيلة إلى غاية، وهذه الغاية تتمثل في ترسيخ الإيمان بالله عز وجل، وتأصيل القيم الفاضلة في النفوس.
حرية التفكير والتعبير من متطلبات الإبداع والصدق الأدبي وهي وسيلة لإثراء الأدب كما وكيفاً

. وقد وضع الإسلام حدوداً للحرية في كل مجالاتها، ومنها مجال الأدب إذا إنه لا يعترف بحرية القول التي منحت للأدباء وغيرهم إذا رأى فيها خطراً يهدد سلامة المجتمع وأمنه العقدي أو الأخلاقي أو الاجتماعي أو الاقتصادي.
الأدب طريق مهم من طرق بناء الإنسان الصالح والمجتمع الصالح وأداة من أدوات الدعوة إلى الله والدفاع عن الشخصية الإسلامية.

الإسلامية حقيقة قائمة قديماً وحديثاً وهي تبدأ من القرآن الكريم والحديث النبوي، ومعركة شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش، وتمتد إلى عصرنا الحاضر لتسهم في الدعوة إلى الله ومحاربة أعداء الإسلام والمنحرفين عنه.

الإسلامية هي أدب الشعوب الإسلامية على اختلاف أجناسها ولغاتها، وخصائصها هي الخصائص الفنية المشتركة بين آداب الشعوب الإسلامية كلها.

. ترفض الإسلامية أي محاولة لقطع الصلة بين الأدب القديم والأدب الحديث بدعوى التطور أو الحداثة أو المعاصرة وترى أن الأدب الحديث مرتبط بجذوره القديمة.

ترفض الإسلامية المذاهب الأدبية التي تخالف التصور الإسلامي والأدب العربي المزور، والنقد الأدبي المبني على المجاملة المشبوهة أو الحقد الشخصي، كما ترفض اللغة التي يشوبها الغموض وتكثر فهيا المصطلحات الدخيلة والرموز المشبوهة وتدعو إلى نقد واضح بناء.

تستفيد الإسلامية من الأجناس الأدبية جميعها شعراً ونثراً ولا ترفض أي شكل من أشكال التعبير، وتعني بالمضمون الذي يحدد طبيعة الشكل الملائم للأداء.

والإسلامية في الأدب تأبى الانحراف عن القيود الواردة في تعريف الإسلامية، فهي كما يقول أحد الباحثين تأبى مثلاً "تأليه الإنسان (كلاسيكيا)، وإغراقه الذاتي الأناني (رومنسيا)، وتمجيد لحظات الضعف البشري (واقعياً)، وتصوير الانحراف الفكري أو النفسي أو الأخلاقي (وجودياً)
فليس ثمة عبث وليس ثمة حرية أخلاقية مطلقة من كل قيد كما يرى (سارتر) وليس ثمة تناقضات نفسية لا نهاية لها تنتهي دائماً بالضياع كما يرى (ديستويفسكي).

والإسلامية إطار واقعي للعمل الأدبي، فهي ليست مجالاً لتحقيق الخيال الجامح أو التعبير عن شطحات منبتة الصلة بالواقع، وواقع الإسلامية أنها فكرة غائية عقدية، وغايتها ليست تحقيق مصلحة ذاتية أو شخصية كإطار للبراجماتية وإنما تحقيق مصلحة العقيدة وكل من يتمسك بهذه العقيدة، فالإسلامية إطار للحقيقة لا الزيف والاستقامة لا الانحراف، ذلك أنها تدور مع وجود المسلم، وللوجود الإنساني غاية إسلامية كبرى هي الكدح والعمل والعبادة (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون) (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)

وهذه الواقعية توجد في القرآن الكريم ذاته، فأحد معجزاته أنه قدم أمثلة عليا للأداء الفني المتجانس في القصة وغيرها وما قصة يوسف عليه السلام عنا ببعيد.

والإسلامية ليست قيداً على الإبداع وإنما هي إطار موضوعي وشكلي لتحصين العمل الأدبي من الإسفاف الذي قد يقضي على الأديب، أما التحرر المطلق من كل القيم الذي ينهي وجود الأديب، أو الخروج عن منطق الأدب ذاته، فهذا أمر يُفرِّغ العمل الأدبي من مضمونه، فمنطق الإسلامية، ينبثق من حضارة إسلامية، تتيح للأديب فرصة التعبير عن كل ما يجول بخاطره، فيطرح المضمون الذي يريد في الشكل الذي يريد طالما كان في إطار التصور الإسلامي.وترتيباً على ما تقدم فإن الإسلامية تختلف عن سائر المضمونات الدينية البعيدة عن العقيدة الإسلامية سواء كانت دينية سماوية أو دينية وضعية، ولذا فإن الانفتاح على الأعمال الأدبية يجب أن يتم من خلال وجدان إسلامي راق وحس إنساني مرهف، للتخفيف من هموم الإنسان ومعاناته لا دفعه في أتون الصراع اللانهائي بين العبث واللامعقول، والعدمية والوجودية، وغيرها من المذاهب التي لا تروي الظمأ الديني لدى المتلقي ولا تسمو بأحاسيسه ومشاعره، بل تلغي له الزمن في العمل الأدبي، وتفكك له الأحداث، وتلغي له الشخصيات، وتمس جوهر العلم، فمسخ العمل أو تشويهه ليس من طبيعة الإسلامية.

بل إن هذا العمل لا يمكن أن يرتطم بطبائع الأمور ولا النظرة الإسلامية للكون والحياة والوجود، ومن أجل هذا فإنه وإن كان لا يجوز دمج الإسلامية في غيرها من المذاهب

إلا أن الإسلامية لا تأبى التعايش مع أي نتاج أدبي عالمي، طالما لم تهدم الحواجز بين الأمرين، فخصوصية الإسلامية أنها وليدة الزمن والمكان، وأنها نسيج لقاء العقيدة بالإنسان، ولذا فإنها عالمية الأثر، كونية الرؤية، شمولية النزعة، توفق بين المنظور الواقعي والغيب اللامرئي، وتوائم بين المادي والروحي، وتجانس بين الثابت والمتغير، ولا يوجد فيها أي تناف لوجود المحدود مع المطلق، ومعالجة الجزئي مع الكلي، طالما أن الهدف الأساسي للإسلامية هو صنع عالم سعيد لبني البشر، يعينهم على تجاوز متاعبهم، ويزيل المتاريس التي تقف أمام انطلاق عقيدتهم.

.. تجد في الإسلام مجالاً رحباً، يقدم الأدباء من خلاله فكرهم البناء، وسلوكهم الهادف، وتصورهم الصائب، وقضايا الإنسان التي تحتاج إلى معالجة.
والإسلامية تجعل كل هذه الأمور ذات بنيان متجانس السمات، غير متنافر الأهداف والغايات، ولا حجر في أن تكون الإسلامية فكرة عقدية، فليس المطلوب منا أن نذوب في غيرنا أو أن نكون انعكاساً لحقائق أو أوهام تزرع في غير .


أماكن الانتشار:

أصبح للإسلامية أنصار في جميع أنحاء العالم,ولها مكتبات في الهند وفي البلاد العربية وعقدت رابطة الأدب الإسلاميةالعالميةعدةمؤتمر ات في الهند وتركيا ومصر،واشترك فيها عددكبيرمن أدباءالعالم الإسلامي.

ويتضح مما سبق: أن الإسلامية ذات مدلول شامل في الزمان والمكان، فهي قديمة قدم الدعوة الإسلامية، وممتدة مع الإسلام عبر الأزمان. وهي لا تختص باللسان العربي المسلم دون سواه، بل تتعلق بكل مسلم أياً كان مكان ولادته أو نشأته. والإسلامية ليست حبيسة صفحات الكتاب المتفرغين للأدب والمعنيين به، وإنما توجد في ثنايا كتابة تعرض لأي مسألة، حتى وإن كانت من مسائل العلم في شتى فروعه.
ومن هذا المنطلق فإن المدرسة الأدبية الإسلامية الهندية أو الباكستانية أو الأندونيسية أو التشادية أو السنغالية أو غيرها تعتبر تجسيداً للإسلامية في الأدب، كما تعتبر الكتابات العلمية ذات الأسس الجمالية والبنيانات الفنية من هذا القبيل أيضاً، فآداب الشعوب الإسلامية غير العربية هي رافد من روافد الإسلامية ما دام أنها في إطار التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة ولا تعرض ما يرفض الإسلام أو يتعارض مع منهجه الفكري.
.................

مراجع للتوسع:

نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد، للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا. ط. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1405هـ/1985م.
منهج الفن الإسلامي، محمد قطب، دار الشروق، بيروت، القاهرة.
في الأدب الإسلامي المعاصر، محمد حسن بريغش، مكتبة المنار، الأردن الزرقاء.
الأدب في خدمة الحياة والعقيدة، عبدالله حمد العويشق، ط. كلية اللغة العربية بالرياض، 1389هـ/1390هـ.
نظرات في الأدب، لأبي الحسن الندوي، دار القلم، دمشق 1408هـ/1988م.
الأدب الإسلامي وصلته بالحياة، محمد الرابع الندوي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1405هـ/ 1985م. أدب الصحوة الإسلامية، واضح الندوي، مؤسسة الرسالة ط1، 1405هـ/1985م.
تعريف برابطة الأدب الإسلامي،إصدار الرابطة عام 1409هـ/1989م. مجلة المشكاة. العدد 13 السنة الرابعة 1410هـ/1990م.
النقد الأدبي أصوله ومفاهيمه، سيد قطب، دار الشروق، بيروت.
الإسلامية والمذاهب الأدبية، د. نجيب الكيلاني/ مؤسسة الرسالة ط2 (1401هـ).
.................
منقول للفائدة

أبو يوسف
11-04-2010, 09:30 PM
بارك الله فيك أخي المغربي الأصيل على هذه الدراسة المتأنية

لا شك أن المدارس الغير مطبوعة بالنهج الإسلامي أثرت أثرا كبيرا في أدبنا العربي ؛ وبدأ ذلك جليا في نهج الفلاسفة العرب والمتكلمين عندما بدأوا بترجمة الكتب إلى اللغة العربية فتأثروا بما يترجمونه ..

لا أريد الإطالة فثقافتنا الإسلامية الأدبية غنية بكل نواحي الحياة ولا ينقصها شيء لنكملها بمدارس غربية ولكننا هذه الأيام نتبع الإستعمار الغربي فلذلك فرضوا علينا مناهجهم وحثالاتهم لكي نتعلمها ونستغني عن مدارسنا الأدبية الأصيلة

ويكفي للإستدلال على فشل المدارس الغربية أن معظم الذين إتجهوا إلى المدارس الغربية قد عضوا أصابع الندم لأنها مادية بحته لا مكان للروح فيها وأذكر هنا بعض الأمثلة

الرازي الذي أفنى عمره بدراسة المدارس الغربية قال آخر عمره :-


نهاية إقدام العقول عقال= وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا= وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا =سوى أن جمعنا فيه : قيل وقالوا
فكم قد رأينا من رجال ودولة =فبادوا جميعا مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها= رجال ، فزالوا والجبال جبال


وكذلك الشهرستاني ، أنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم ، حيث قال :




لعمري لقد طفت المعاهد كلها = وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر = على ذقن أو قارعا سن نادم

ولابن أبي الحديد الفاضل المشهور بالعراق :




فيك يا أغلوطة الفكر = حار أمري وانقضى عمري
سافرت فيك العقول = فما ربحت إلا أذى السفر
فلحى الله الألى زعموا= أنك المعروف بالنظر
كذبوا إن الذي ذكروا = خارج عن قوة البشر

.

الدمشقي
11-04-2010, 10:02 PM
مشكورة جهودك أخي الفاضل جمال
بارك الله بك

المغربي الجديد
11-04-2010, 10:36 PM
بارك الله فيكما أخوي الجليلين
أبو يوسف
الدمشقي
وجزاكما الله كل خير على تتبعكما وابداء ملاحظتكما الثاقبة في المواضيع
فهذا هو المفروض والواجب حتى تتضح الرؤى و يستفيد الجميع
فبين الرأي والرأي المخالف يشع النور وعلى القارئ تلمسه
تسلم الأيادي
:abc_152:

ذوالجناح
11-04-2010, 10:41 PM
جزاك الله خيرا على نقل هذه المقالة الطيبة
والشكرموصول لخينا أبي يوسف على الإضافة.

المغربي الجديد
11-04-2010, 10:53 PM
بارك الله فيك ومتعك الله بالصحة والعافية
أخي ذو الجناح
مرورك و حضورك بجميع المواضيع والأقسام ملحوظ بشدة وهذا من باب اجتهادك وعلو شأنك ونشاطك
أمدك الله بعونه ويسرك لما فيه الخير كل الخير لكل زائر لهذا المنتدى و لكل المسلمين
وجعل الله أعمالك في ميزان حسناتك
تسلم الأيادي
:abc_152:

abohmam
12-04-2010, 01:31 AM
بارك الله فيك أخى جمال على هذا الطرح المميز

والشكر موصول لأخينا ابي يوسف على اضافته

لكم جميعا الشكر والتحية

المغربي الجديد
12-04-2010, 02:03 AM
جزاك الله خير الدنيا والاخرة
اخي الغالي ابو همام
مرورك اسعدني
تسلم الايادي
:abc_152:

سيرين ملكة زماني
12-04-2010, 03:00 AM
الله يعطيك العافيه

وجزاك الله كل خير

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

المغربي الجديد
12-04-2010, 03:31 AM
بارك الله فيك وفي من رباك وفيمن علمك
اختنا الفاضلة سيرين
و جزاك الله خيرات الدنيا و الاخرة
تسلم الايادي
:abc_152:

خضر صبح
12-04-2010, 02:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك
وقد اعددت بحثا ايام الشباب
عن المذهب الاسلامي في الادب العربيي
وقد اتكات على كتاب نقدي للروائي والناقد الاسلامي نجيب الكيلاني

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

فلسطيني
12-04-2010, 08:41 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سالي الفلسطينية
12-04-2010, 09:01 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ..
. لك مني أجمل تحية .

المغربي الجديد
21-04-2010, 03:57 PM
أخواني الغاليين
خضر صبح
فلسطيني
سالي الفلسطينية
جزاكم الله خير الدنيا والآخرة على المرور الطيب والدعاء الصالح
تسلم الأيادي
:abc_152: