المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من تجلد على النوى فقد تعرض للبلا


أبو يوسف
12-09-2009, 05:36 PM
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من تجلد على النوى فقد تعرض للبلا

اجتراء العشاق على المبادرة إلى الفراق يكون إما لنفي أقوال الوشاة عنهم وعن أنفسهم وإما لضجرة تلحقهم من مكروه يقع بهم وإما لنشاط في النفس وزهد ليحقها لقوة الظفر بما قد حصل لها فترى نفسها أجل من محبوبها لأنها مالكة ولا شيء في العالم يعدله وهو وإن كان مالكا لها فإنها لا ترى نفسها في حد ما يفتخر بملكه فهي لهذه العلة تتكبر عليه.

ولبعض أهل هذا العصر:


أصول به تيها عليه فمن رأى = من الناس قبلي عاشقا يتصلف
إذا خفت منه الغدر أبى توافيا= يزول به خوفي ويبقى التخوف

وربما أعرض العاشق عن المعشوق إما من جهة الامتحان للصبر وإما لتجديد حاله عند محبوبه وكثيرا ما يجري الأمر في ذلك على ضد تقديره.
وفي هذا النحو يقول بعض أهل هذا العصر:


ألا يا قومي للهوى المتزايد = وطول اشتياق الراحل المتباعد
رحلت لكي أحظى إذا أبت قادما = فأوردني الترحال سوء الموارد
كأني لديغ حار عن كنه دائه = طبيب فداواه بسم الأساود
فمال مع الداء القديم دواؤه = فيا لك من داء طريف وتالد

وقال أبو تمام:


هي البدر يغنيها تودد وجهها = إلى كل من لاقت وإن لم تودد
على أنني لم أحو وفرا مجمعا = ففزت به إلا بشمل مبدد
ولم تعطني الأيام نوما مسكنا = ألذ به إلا بنوم مشرد
وطول مقام المرء في الحي مخلق = لديباجتيه فاغترب تتجدد

فإني رأيت الشمس زيدت محبة=إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد

وله أيضا:


أقلبي قد أضاق بكاك ذرعي = وما ضاقت بنازلة ذراعي
أآلفة النحيب كم افتراق = ألم فكان داعية اجتماع
وليست فرحة الأوبات إلا = لموقوف على ترح الوداع

وقال زهير بن أبي سلمى:



لعمرك والخطوب معبرات = وفي طول المعاشرة التقالي
لقد باليت مظعن أم أوفى = ولكن أم أوفى لا تبالي

وقال آخر:


وأعرض حتى يحسب الناس إنما = بي الهجر لا والله ما بي لك الهجر
ولكن أروض النفس أنظر هل لها = إذا فارقت يوما أحبتها صبر

وقال آخر:


سأرفض ما يخاف علي منه = وأترك ما هويت لما خشيت
لسان المرء ينبي عن نجاه = وعي المرء يستره السكوت

وقال آخر:


وكنت كذي داء وأنت دواؤه = فهبني لدائي إذ منعت شفائيا
شفائي أن تختصني بكراهة= وتدرأ عني الكاشحين الأعاديا
فإلا تنلني من يديك كرامة = أول وأصبح من قرى الشآم خاليا
وأرضى بأخرى قد تبدلت إنني = إذا ساءني واد تبدلت واديا
وإلف صبرت النفس عنه وقد أرى = غداة فراق الحي ألا تلاقيا
وقد قادني الجيران حبا وقدتهم = وفارقت حتى ما تحن جماليا

وقال آخر:


وفارقت حتى ما أبالي من النوى = وإن بان جيران علي كرام
فقد جعلت نفسي على النأي تنطوي =وعيني على فقد الحبيب تنام

وقال عمر بن أبي ربيعة:


وكم من خلة أعرضت عنها = لغير قلى وكنت بها ضنينا
أردت فراقها فصددت عنها = ولو جن الفؤاد بها جنونا

وقال عمر بن نجا:


تقطع منها الود إلا بقية =وحال الهوى عما تريد فأبعدا
فأصبح هذا النأي شيئا كرهته = عسى أن ترى ما تكره النفس أرشدا
ولم أر منها غير مقعد ساعة = به اختبلت عقلي فيا لك مقعدا

وقال أبو تمام:


تصدت وحبل البين مستحصد شزر = وقد سهل التوديع ما وعر الهجر
بكته بما أبكته أيام صدرها = خلي وما يخلو له من هوى صدر
وقالت أتنسى البدر قلت تجلدا= إذا الشمس لن تغرب فلا طلع البدر
فأبدت حنانا من دموع نظامها = على الخد إلا أن صائغها الشفر
وما الدمع ثان عزمتي ولو انها = سقى خدها من كل عين لها شفر

وقال آخر:


إذا ما أراد الغزو لم يثن همه = حصان عليها نظم در يزينها
نهته فلم تر النهي عاقه = بكت فبكى مما عناها قطينها

وأنشدني أحمد بن يحيى النحوي:


لم أنس يوم الرحيل عبرتها = وطرفها في دموعها غرق
وقولها والركاب واقفة = تتركني هكذا وتنطلق

وقل من اجترأ هذا الضرب من الاجتراء وحمل نفسه على هذه الفظاظة والجفاء إلا كان سريع الندم على صنيعه شديد الأسف على تصنيعه فكان كالذي يقول معنفا لنفسه وموبخا لها عند ما نزل به:


بكيت دما حتى القيامة والحشر = ولا زلت مغلوب العزيمة والصبر
أتظعن طوع النفس عمن تحبه = وتبكي كما يبكي المفارق عن صغر
أقم لا تسر والهم عنك بمعزل = ودمعك باق في جفونك لا يجري

وكالذي يقول:


أتظعن عن حبيبك ثم تبكي =عليه فمن دعاك إلى الفراق
كأنك لم تذق للبين طعما = فتعلم أنه مر المذاق
أقم وانعم بطول القرب منه=ولا تظعن وتكتب باشتياق
فما اعتاض المفارق من حبيب = ولو يعطى الشآم مع العراق

وقال يزيد بن الطثرية:

(1/69)


--------------------------------------------------------------------------------


أتبكي على ليلى ونفسك باعدت = مزارك من ليلى وشعباكما معا
وما حسنا أن تأتي الصرم طائعا =وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
قفا ودعا نجدا ومن حل بالحمى = وقل لنجد عندنا أن يودعا
وأذكر أيام الحمى ثم ألتوي = على كبدي من خشية أن تصدعا
وليست عشيات الحمى برواجع = عليك ولكن خل عينيك تدمعا

وقال أبو تمام:


أصغى إلى البين مغترا فلا جرما = إن النوى أسأرت في عقله لمما
أصمني سرهم أيام فرقتهم = هل كنت تعرف شيئا يورث الصمما
نأى فظلت لوشك البين مقلته = تبدي نجيعا ويبدي جسمه سقما
أظله البين حتى أنه رجل = لو مات من شغله بالبين ما علما

وقال علي بن الجهم:


يا رحمتا للغريب في البلد النا = زح ماذا بنفسه صنعا
فارق أحبابه فنا انتفعوا = بالعيش من بعده ولا انتفعا

وقال المجنون:


فإن ترجع الأيام بيني وبينها = بذي الأثل صيفا مثل صيفي ومربعي
أشد بأعناق النوى بعد هذه = مرائر إن جاذبتها لم تقطع

وقال زياد بن أبي زياد:


أطعت بها قول الوشاة فلا أرى ال = وشاة انتهوا عنا ولا الدهر اعتبا
فلا تك كالناسي الخليل إذا دنت =به الدار والباكي إذا ما تغيبا

وقال هدبة بن خشرم:


ألا يا لقومي للنوائب والدهر = وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري
ألا ليت شعري هل إلى أم معمر =على ما لقينا من ثناء ومن هجر
تباريح يلقاها الفؤاد صبابة = إليها وذكراها على حين لا ذكر
فيا قلب لم يألف كإلفك آلف = ويا حبها لم يغر شيء كما تغري
وما عندها للمستهام فؤاده= بها إن ألمت من جزاء ومن شكر

وقال آخر:


بكرت عليك فهيجت وجدا = بسرى الرياح وأذكرت نجدا
أتحن من شوق إذا ذكرت = نجد وأنت تركتها عمدا

وقال آخر:


ألا هل إلى ليلى قبيل منيتي = سبيل وهل للناجعين رجوع
إلى الله أشكو نية شقت العصا = هي اليوم شتى وهي أمس جميع
لعمرك إني يوم جرعاء مالك = لعاص لأمر العاذلين مضيع
مضى زمن والناس يستشفعون بي = فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع
ندمت على ما كان مني ندامة = كما ندم المغبون حين يبيع
فقدتك من قلب شجاع فإنني = نهيتك عن هذا وأنت جميع
وقربت لي غير القريب وأشرفت = هناك ثنايا ما لهن طلوع

وقال الوليد بن عبيد الطائي:


قل للرياح إذا جريت فبلغي = كبدي نسيما من جناب نسيم
أخدعت عنك وأنت بدر خادع = لليل عن ظلم به وغيوم
وظلمت نفسي جاهدا في ظلمها = فاسمع مقالة ظالم مظلوم
كرم الزمان ولمت فيك ولا أرى = عجبا سوى كرم الزمان ولومي
لا كان حبي أين كان وأنت لي = ملك وعهدي منك غير ذميم
الآن أطمع في الوصال ودوننا = عين الرقيب وباب إبراهيم

وقال الأحوص:


فوا ندمي إذ لم أعج إذ تقول لي = تقدم فشيعنا إلى ضحوة الغد
فأصبحت مما كان بيني وبينها = سوى ذكرها كالقابض الماء باليد
وقال الحسين بن مطير الأسدي:


لقد كنت جلدا قبل أن توقد النوى = على كبدي نارا بطيئا خمودها
وقد كنت أرجو أن تموت صبابتي = إذا قدمت أيامها وعهودها
فقد جعلت في حبة القلب والحشا = عهود الهوى تولى بشوق يعيدها

وقال آخر:


هممت بفرقة والموت فيها = كأنك حتف نفسك تستثير
فلا تجسر على أمر قوي = عليك فربما هلك الجسور

(1/70)


-------------------------

وقال قيس بن ذريح:


وخبرتني يا قلب أنك صابر =على الهجر من لبنى فسوف تذوق
فمت كمدا أو عش سقيما فإنما= تكلفني ما لا أراك تطيق

وقال عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:


فيا من لنفس لا تموت فينقضي = عناها ولا تحيى حياة لها طعم
فذق هجرها قد كنت تزعم أنه = رشاد ألا يا ربما كذب الزعم

وقال ابن الدمينة:


وقد زعموا أن المحب إذا دنا= يمل وأن النأي يشفي من الوجد
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا = على ذاك قرب الدار خير من البعد

وقال آخر:


وأكثر ما في النفس أني صرمتها = ولم يتحول حبها عن فؤاديا
طلبنا دواء الحب عصرا فلم نجد =من الحب إلا من يحب مداويا




الكتاب : الزهرة
المؤلف : ابن داود الأصبهاني
مصدر الكتاب : الوراق

.

سالي الفلسطينية
13-09-2009, 01:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...

لك مني أجمل تحية .

تحياتي

..

ارتقاء
14-09-2009, 01:22 PM
ردَّتْ بكم أحرفـي أناتِهـا ألمـاً .........من مجمر ِالقلب تبكي حزنَها المُقلُ

لاقـوة ترتـجـى إلا بخالقِـنـا ......... وعودة الوعي في أحضانِهِ الأملُ


تقبل مروري وتحيتي

http://www10.0zz0.com/thumbs/2009/09/14/11/326388908.jpg (http://www.0zz0.com/realpic.php?s=10&pic=2009/09/14/11/326388908.jpg)

اًرتقاء

جروح بارده
14-09-2009, 07:19 PM
بارك الله فيك على الروائع