المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : .. مجنون في ناحية ،عاقل في عدة نواحي ..


ارتقاء
19-11-2013, 11:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تنبه العرب منذ القدم الى نوع من الناس ( مجنون عاقل )

تصدر منه أعمال جنونية بحتة في بعض تصرفاته ، فإذا حدثته

فأديب ظريف، او صوفي واصل، او فيلسوف عميق،

ينطقون بالحكمة والنوادر الطريفة والنصيحة الصريحة اللاذعة.

منهم مَن كان مجنوناً حقاً، ومنهم من رأى العالم مجنوناً فجن.

ومن العلماء والرواة من رأى قول الحكمة اذا صدر من عاقل أمر مألوف لا يسترعي النظر

، ولكن إذا صدر عن مجنون كان أوقع في النفس

لذا افرد بعض الكتب باباً لهذا الصنف من الأدباء ،كما فعل ابن عبد ربه الأندلسي في كتابه (العقد الفريد)

سماه (أخبار الممرورين والمجانين.) والممرور: من غلبت عليه المِرّة،

وهي خلط من أخلاط البدن ، يغلب على المرء حيناً فيهذي، وهو أخف حالاً من الجنون.

وقد الف النيسابوري صاحب التفسير المشهور كتابا سمّاه (عقلاء المجانين)

ترجم فيه لهذا النوع من الناس وافاض. ومن الجدير بالذكر أنّه يجمع متناقضات

من عقل وجنون، سفه وحكمة، طيش ورزانة ، وأنه مثار للشفقة والرحمة مع الأعجاب .

. ومن هؤلاء ( بهلول الكوفي )

الذي كثيراً ما اتصل اسمه بهارون الرشيد ، وملأ الكوفة وما حولها نوادرا وطرفاً..

منظره وحركاته وسكناته وتصرفاته، كانت تغري الأطفال بالضحك عليه،

والسخرية منه والصياح وراءه، ورميه بالحجارة،

بالرغم من هذا كله ، كان مثلاً راقياً من أمثال ألانسانية يقابلهم بالعطف والشفقة .

رموه مرة بحجرة فأدموه فقال:

حسبي الله توكلت عليه..... ونواصي الخلق طراً بيديه

ليس للهارب في مهربه..... أبداً من روحهٍ إلاّ إليه

ربّ رام لي بأحجار الأذى... لم أجد بداً من العطف عليه

وقال له العقلاء يوماً: لِمَ لا تشكو هؤلاء الاطفال لآبائهم؟

فقال لهم: اسكتوا ايها المجانين

فلعلي إذا مت يذكرون هذا الفرح فيقولون: رحم الله ذلك المجنون.

وقال له عاقل آخر: ــ تناول الحجارة وارمهم كما يرمونك،

قال له بهلول: يامجنون اني إن فعلت شيئاً من هذا ،رجعوا الى آبائهم فقالوا لهم

هذا المجنون بدأ يحرك يديه فيجب ان يغل ويقيد،

فلا يكفيني ما ألقاه منهم حتى أغل وأقيد:!

بهلول هذا كان يتستر وراء مظهر جنونه ، ويقدم نصائحه للخلفاء والأمراء بأقوى لفظ وأصرح بيان

فقد زهد في ما لهم وجاههم، ووثق بربه فلم يخف احدا،

ومن نوادره في هذا الباب نوادر رائعة وأقوال حكيمة .

يحكى :ــ

أنّ الرشيد خرج الى الحج فمرّ بالكوفة ، فرأى بهلولاً يعدو على قصبة وخلفه صبيان.

فقال الرشيد: كنت أشتهي ان أراه، فأدعوه من غير ترويع،

فلما حضر بين يديه قال: -يا بهلول، كنت إليك مشتاقاً.

قال بهلول: لكني لم اشتق اليك.

الرشيد: عِظني.

بهلول: وبم أعظك؟ هذه قصورهم، وهذه قبورهم.

الرشيد: زدني

بهلول: من أعطاه الله مالاً وجمالاً، فعف في جماله، وواسى في ماله كتب في ديوان الأبرار.

الرشيد: قد أمرنا بقضاء ديونك إن كانت.

بهلول: لا.. إنه لا يقضي دين بدين، أردد الحق الى أهله، وأقضِ دين نفسك.

الرشيد: ألك حاجة؟

بهلول: أنا وأنت عيال الله. فمحال ان يذكرك وينساني.

ثم ركب قصبته وجرى.

وله الفكاهة الحلوة والنادرة الطريفة،

، فقد بلغه عن أمير الكوفة أنه ولدت له بنت فساءه ذلك،

فذهب اليه بهلول وقال له: أيسرك ان لك مكانها ابناً مثلي؟

فقال الأمير ه:ويحك! فرجت عني.

صحبه يوماً مجنون آخر ، فقابلهما الخليفة الهادي،

فقال لبهلول: لِمَ سميت بهلولاً؟

فقال له: ولم سميت انت موسى؟

فسبه الهادي سباً شنيعاً، فنظر الى صاحبه وقال له : ــ كنا اثنين فصرنا ثلاثة.

*ورؤي جالساً بين المقابر وهو يلعب بالتراب فقيل له:

ماذا تصنع؟ قال: أجالس قوماً لا يؤذونني.

وهكذا ملأ بهلول عصره فكاهة وموعظة،

دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

http://www9.0zz0.com/2013/11/19/21/436922111.jpg (http://www.0zz0.com)

إرتقاء

أبو يوسف
20-11-2013, 03:36 PM
قيل بالاثر ان من الجنون لحكمة ؛ وخذ الحكمة من أفواه المجانين..

جزاك الله خيرا استاذتنا الفاضلة إرتقـــــــــــاء على ما أمتعتينا به من قصص رائعة واقعية ليست للاخبار فقط بل للعبر والدروس والتربية لنا جميعا ونحن بحاجة اليها ...

ارتقاء
20-11-2013, 06:06 PM
قيل بالاثر ان من الجنون لحكمة ؛ وخذ الحكمة من أفواه المجانين..

جزاك الله خيرا استاذتنا الفاضلة إرتقـــــــــــاء على ما أمتعتينا به من قصص رائعة واقعية ليست للاخبار فقط بل للعبر والدروس والتربية لنا جميعا ونحن بحاجة اليها ...

بسم الله الرحمن الرحيم

تشعرني بحضوركم المتألق سيدي الفاضل أستاذ فيصال بالزهو وتملئني ثقة بالنفس

أقف أمام حروفكم صامته لصدقها وروعة بلاغتها

وأحس كأنّ نقاء روحكم تسكن بين ثنايا حروفكم

لكم كل الشكر

تقبل مني فائق احترامي وتقديري

http://www13.0zz0.com/2013/11/20/17/457773500.jpg (http://www.0zz0.com)

إرتقاء