المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باب النذر من كتاب توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


abohmam
24-02-2011, 09:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باب النذر من كتاب توضيح الأحكام للشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن البسام


النَّذْرُ لُغَةً: مَصدرُ نَذَرْتُ أَنْذُِرُ، بضمِّ الذالِ وكَسْرِها، فأنا ناذِرٌ؛ أي: أَوْجَبْتُ على نفسي شيئاً لم يَكُنْ واجِباً عليَّ.
وشَرْعاً: هو إلزامُ مُكَلَّفٍ مُختارٍ نَفْسَه لِلَّهِ تعالى شيئاً غيرَ لازِمٍ بأصلِ الشرْعِ، بكلِّ قولٍ يَدُلُّ عليه، ولو كانَ مِن كافرٍ لعبادةٍ فيَصِحُّ.
والنَّذْرُ مكروهٌ، ولو عِبادةً، والوفاءُ به بشروطِه: واجِبٌ.

والنَّذْرُ المُنْعَقِدُ سِتَّةُ أقسامٍ:
1- النَّذْرُ المُطْلَقُ: كقولِه: لِلَّهِ عليَّ نَذْرٌ. ولم يُسَمِّ شيئاً، وللهِ عليَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْتُ كذا. وفَعَلَه، فيَلْزَمُه كفَّارَةُ يَمِينٍ.
2- نَذْرُ اللَّجَاجِ والغَضَبِ: وهو تعليقُ نَذْرٍ بشرطٍ يَقْصِدُ مِنه المَنْعَ، أو الحَمْلَ عليه؛ فيُخَيَّرُ بينَ فِعْلِ ما نَذَرَه، وبينَ كَفَّارةِ اليَمينِ.
3- نَذْرُ فِعْلٍ مُباحٍ: كقولِه: لِلَّهِ عليَّ أنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي، ونحوِه؛ فيُخَيَّرُ أيضاًً بينَ فِعْلِه وكفَّارَةِ يَمِينٍ.
4- نَذْرُ المَكْرُوهِ: كنَذْرِ الطلاقِ ونحوِه؛ فيُسَنُّ أنْ يُكَفِّرَ ولا يَفْعَلَه.
5- نَذْرُ المَعْصِيَةِ: كنَذْرِ القَتْلِ؛ فيُحَرَّمُ الوفاءُ به، ويُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ.
6- نَذْرُ التَّبَرُّرِ: كالصلاةِ والصومِ ونحوِه،بقصدِ التقرُّبِ إلى اللَّهِ مطلقاً، أو أنْ يُعَلِّقَ نذرَه بحصولِ نعمةٍ، أو دفعِ نِقْمَةٍ؛ فيَلْزَمُه الوفاءُ به إذا وُجِدَ شَرْطُه.

قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ: النَّذْرُ للقبورِ، أو لأهلِ القبورِ، أو للشيخِ فلانٍ: نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، لا يَجُوزُ الوفاءُ به.

1194- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: ((إِنَّهُ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

*مُفْرَداتُ الحديثِ:

-لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ: أي أنَّ عُقْباه لا تُحْمَدُ، وقد يَتَعَذَّرُ الوفاءُ به.
-يُسْتَخْرَجُ به مِن البخيلِ: يعني أنَّ البخيلَ لا يُخْرِجُ الصدقَةَ، ولا يُقْدِمُ على الإحسانِ إلاَّ بأمرٍ يكونُ لازماً عليه، والنذْرُ يَضْطَرُّه إلى ذلك.

*ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:

1- النهيُ عن النذرِ، والنهيُ يَقْتَضِي التحريمَ، والذي صَرَفَه عن التحريمِإلى الكراهةِ هو مَدْحُ المُوفِينَ به.
قالَ في (الاختياراتِ): تَوَقَّفَ أبو العبَّاسِ في تحريمِ النذْرِ، وحَرَّمَه طائفةٌ مِن أهلِ الحديثِ.
وقد أَجْمَعَ العلماءُ على الوفاءِ به.
2- العِلَّةُ في النهيِ عنه هو: (أَنَّهُ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ)، الذي غايتُه القيامُ بالواجبِ بأصلِ الشرعِ، ويَثْقُلُ عليه ما عَداه مِن فضائلِ الأعمالِ.
3- وممَّا يَجْعَلُ النذرَ مكروهاً هو أنَّ الناذِرَ يُشارِطُ اللَّهَ تعالى، ويُعاوِضُه على أنه إنْ حَصَلَ له مطلوبُه، أو زَالَ عنه ما يَكْرَهُ، قامَ بالعبادةِ التي نَذَرَها، وإلاَّ لم يَقُمْ بها، واللَّهُ تعالى غنيٌّ عن العبادِ، وعن طاعاتِهم.
4- النَّذْرُ لا يَرُدُّ من قضاءِ اللَّهِ شيئاً، ولكن ربَّما لو صادَفَ أنَّ النذرَ وَافَقَ حُصُولَ مطلوبٍ، أو دَفْعَ مكروهٍ، ظَنَّ الناذِرُ أنَّ هذا بسببِ نذرِه الذي عَلَّقَ القيامَ به على حُصُولِ مطلوبِه، أو دَفْعِ مكروهِه.
5- المُسْلِمُ في سَعَةٍ، فإذَا نَذَرَ عِبادةً مِن العباداتِ، أَوْجَبَ على نفسِه ما لم يُوجِبْه اللَّهُ تعالى عليه، وقد يُقَصِّرُ في أدائِها، فيَلْحَقُه الإثمُ.
6- اللَّهُ تعالى قَدَّرَ الواجباتِ على العِبادِ بقَدْرٍ يَسْهُلُ عليهم أداؤُه، وجَعَلَ الزائدَ نَوَافِلَ؛حتى لا يُثْقِلَ على الناسِ العباداتِ.
وهذا بابٌ واسعٌ، مَن تَتَبَّعَه عَرَفَ أنَّ العبدَ إذَا أَوْلَجَ نفسَه فيما لم يُوجِبْه اللَّهُ عليه، كانَ مُعَرَّضاً لعدمِ الوفاءِ، وأنه لا يَفِي بما أَلْزَمَ به نفسَه إلاَّ القليلُ؛ وذلكم لتقصيرِ النفسِ، وتَثْبِيطِ الشيطانِ له، وقد أشارَ اللَّهُ تعالى إلى القليلِ المُوفِينَ بعهدِه؛ فقالَ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب].
7- بابُ النَّذْرِ مِن غرائِبِ مسائلِ العلمِ؛ لأنَّ عَقْدَه مكروهٌ، والوفاءَ به واجبٌ، والأصلُ أنَّ الوسائلَ لها أحكامُ المقاصدِ، ولكِنَّ الحِكْمَةَ ظاهرةٌ في ذلك.
8- النَّذْرُ المكروهُ هو ما كانَ لطاعةِ اللَّهِ، فأمَّا النذرُ للموتَى وللقبورِ، والطواغيتِ، والشياطينِ، وغيرِهم، فهذا هو الشِّرْكُ، نَعُوذُ باللَّهِ تعالى مِن غَضَبِه، وأسبابِ غَضَبِه.
9- قالَ شيخُ الإسلامِ: ما وَجَبَ بأصلِ الشرعِ إذا نَذَرَه العبدُ، أو عاهَدَ، أو بايَعَ عليه الإمامَ، يكونُ وُجُوبُه مِن وجهيْنِ، ويكونُ تَرْكُه موجِباً لتركِ الواجبِ بالشرعِ، والواجبِ بالنذرِ، بحيثُ يَسْتَحِقُّ تارِكُه من العقوبةِ ما يَسْتَحِقُّه ناقضُ العهودِ والمواثيقِ، وما يَسْتَحِقُّه عاصي اللَّهِ ورسولِه، وهذا هو التحقيقُ، ونَصَّ عليه أحمدُ، وقالَه طائفةٌ مِن العلماءِ. اهـ.
.
:fasel:

محمود عفيفى
24-02-2011, 10:30 PM
جزاك الله خيرا أخى أبوهمام ولا حرمك الله الأجر :abc_152:

أبو يوسف
25-02-2011, 05:58 AM
جزاك الله خيرا اخي ابو همام وأحسن إليك

سفيرة الاسلام
07-03-2011, 01:00 AM
جزاك الله خيراً