المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العذاب ليس له طبقة


أبو يوسف
24-11-2010, 06:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





الذي يسكن في أعماق الصحراء ، يشكو مر الشكوى ؛ لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب ،

وساكن الأحياء الراقيه الذي يجد الماء والنور والسخان والتكييف والتليفون والتلفزيون ، لو استمعت إليه ، لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط ،

والمليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به ، يشكو الكآبة والخوف من الأماكن المغلقة والوسواس و الأرق والقلق ،والذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة ،والرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى الدمار.



والملك الذي يملك الأقدار و المصائر والرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.وبطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.



كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق . وبرغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد ولا بزهو ولا بغرور.




إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي واللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات والآهات الملتاعة.
والحاسدون و الحاقدون و المغترون
والفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.




و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.




ولو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير
ولتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا
ولا مغلوب في الحقيقة
و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات




وليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه وترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.




وكل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم.




أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل
والكل في تعب.




إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها وما تفاضلت إلا بمواقفها.




وليس بالشقاء والنعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.




فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.




و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكا والآخر صعلوكا وحيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.




أما وراء الكواليس.أما على مسرح القلوب.أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا يوجد ظالم ولا مظلوم ولا متخم ولا محروم.. و إنما عدل مطلق واستحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.




و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب وراحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.




أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم وأحمالا من الخطايا وظمأً لا يرتوي وجوعا لا يشبع.




فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت
واغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.




(من روائع دكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر له)




.

ارتقاء
24-11-2010, 07:43 PM
سيدي و واًستاذي الفاضل اًبو يوسف

جزاك الله خير الجزاء

اًرجو من الله اًن يكتبني من

((( أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا ))

اًسلمت الى الله بثقة وراضيت بالذي يجريه علي

هو خالقنا ورازقنا ومدبر اًمورنا

حاشا لله اًن يؤذي اًهل مملكته ولكنه ياًخذوهم بذنوبهم وهذا هو العدل المطلق

وهو الغفور الرحيم

اللّهم اًغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


http://www9.0zz0.com/2010/11/14/15/667060383.gif (http://www.0zz0.com)

اًرتقاء

ام هشام
24-11-2010, 08:25 PM
بارك الله فيك أخي الكريم أبو يوسف
على الموضوع الهام
فلواقتنع الإنسان بأن العدل سائد على الجميع لما
حصل ما نراه من حقد وكره.......
فالقناعة كنز لا يفنىhttp://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=478435&stc=1&d=1213778755 (http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=478435&stc=1&d=1213778755)

المغربي الجديد
24-11-2010, 10:11 PM
جزاك الله كل خير
وبارك الله بك وفيك الى يوم الدين
موضوع متميز بعمقه الموضوعي فقد اقتربنا من الومن الذي تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يتمنى فيه الحي ان يكون مكان الميت في قبره فقد صارت الحياة ضنكة على الجل ان لم نقل الكل
تسلم الايادي
:abc_152:

فلسطيني
24-11-2010, 10:18 PM
جزاك الله كل خير اخي ابو يوسف

موضوع جميل و قيم

تحياتي :abc_152:

أبو يوسف
25-11-2010, 02:12 PM
سيدي و واًستاذي الفاضل اًبو يوسف

جزاك الله خير الجزاء

اًرجو من الله اًن يكتبني من

((( أهل الله في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا ))

اًسلمت الى الله بثقة وراضيت بالذي يجريه علي

هو خالقنا ورازقنا ومدبر اًمورنا

حاشا لله اًن يؤذي اًهل مملكته ولكنه ياًخذوهم بذنوبهم وهذا هو العدل المطلق

وهو الغفور الرحيم

اللّهم اًغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


http://www9.0zz0.com/2010/11/14/15/667060383.gif (http://www.0zz0.com)

اًرتقاء


أسأل الله أن يحقق حلمك أستاذتنا الفاضله إرتقــاء ويوفقك لما فيه خير لك في الدنيا والآخره

.

أبو يوسف
25-11-2010, 02:15 PM
بارك الله فيك أخي الكريم أبو يوسف
على الموضوع الهام
فلواقتنع الإنسان بأن العدل سائد على الجميع لما
حصل ما نراه من حقد وكره.......
فالقناعة كنز لا يفنىhttp://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=478435&stc=1&d=1213778755 (http://www.mexat.com/vb/attachment.php?attachmentid=478435&stc=1&d=1213778755)

القناعه كنز لا يفنى

بارك الله فيك أخت ام هشام

فالإنسان لن يأخذ من الدنيا إلا ما هو مقدر له ؛ ولن تسلبه الدنيا شيء كتبه الله له فالقناعه كنز لا يفنى

أبو يوسف
25-11-2010, 02:17 PM
جزاك الله كل خير
وبارك الله بك وفيك الى يوم الدين
موضوع متميز بعمقه الموضوعي فقد اقتربنا من الزمن الذي تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يتمنى فيه الحي ان يكون مكان الميت في قبره فقد صارت الحياة ضنكة على الجل ان لم نقل الكل
تسلم الايادي
:abc_152:

إشتدي يا أزمة تنفرجي

فكلما اشتدت حلكة الليل كلما قارب بزوغ الشمس ؛ شمس الإسلام

ابو زكريا
14-12-2010, 06:43 PM
من رحم الالم يخرج الامل


و لولا الاحساس بالالم لما عرفنا معنى الامل



و لا الطريق اليه فالامور تعرف بضدها


ابو يوسف سلاماتي

حمد محمد
14-12-2010, 07:47 PM
http://img814.imageshack.us/img814/1115/w6w2005100123480072ea9d.gif

جروح بارده
02-01-2011, 01:21 AM
روائع قيّمه

بارك الله فيك