المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاستعارة التصريحية والمكنية و مفهــوم الاستعـارة


سيد احمد
10-08-2010, 10:37 AM
http://img8.imageshack.us/img8/9696/2w3ujhk.png


http://www3.0zz0.com/2010/02/02/04/615237636.gif

اسعد الله أوقاتكم بكل خير و بعد السلام بداية و ختاما
والصلاة علي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أشرف وأفضل من مشى على الأرض
وخير من وجه وأرشد

أما بعد فأعود أليكم اليوم أعزائي أعضاء ومشرفي منتديا الإبداع و التميز منتدي
طريق الإحتراف (http://www.abc4web.net/vb/index.php)

http://img210.imageshack.us/img210/5959/48dy2.gif

انقل لكم بعض مفاهيم أللغة ألعربية
الاستـــعــــــارة

- مفهــوم الاستعـارة:

أ) لــغــة:
الاستعارة التصريحية والمكنية


1_ الاستعارة التصريحية: وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه، أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه، ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
(كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ...).
ففي هذه الآية استعارتان في لفظي: الظلمات والنور، لأن المراد الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال والهدى، لأن المراد إخراج الناس من الضلال إلى الهدى، فاستعير للضلال لفظ الظلمات، وللهدى لفظ النور، لعلاقة المشابهة ما بين الضلال والظلمات.
وهذا الاستعمال _كما ترى _ من المجاز اللغوي لأنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ المشبه، وأستعير بدله لفظ المشبه به، وعلى هذا فكل مجاز من هذا السنخ يسمى "استعارة" ولما كان المشبه به مصرحاً بذكره سمي هذا المجاز اللغوي، أو هذه الاستعارة "استعارة تصريحية" لأننا قد صرحنا بالمشبه به، وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكلام.

2_ الاستعارة المكنية: وهي ما حذف فيها المشبه به، أو المستعار منه، حتى عاد مختفياً إلا أنه مرموز له بذكر شيء من لوازمه دليلاً عليه بعد حذفه.
ومثال ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى:
(ولَمّا سكتَ عَن موسى الغَضَبُ أخَذَ الألواحَ وفي نُسخَتِها هُدىً وَرَحمةٌ...).
ففي هذه الآية ما يدل على حذف المشبه به، وإثبات المشبه، إلا أنه رمز إلى المشبه به بشيء من لوازمه، فقد مثلت الآية (الغضب) بإنسان هائج يلح على صاحبه باتخاذ موقف المنتقم الجاد، ثم هدأ فجأة، وغير موقفه، وقد عبر عن ذلك بما يلازم الإنسان عند غضبه ثم يهدأ ويستكين، وهو السكوت، فكانت كلمة (سكت) استعارة مكنية بهذا الملحظ حينما عادت رمزاً للمشبه به.
وأظهر من ذلك في الدلالة قوله تعالى:
(والصُّبح إذا تَنَفَسَ).
فالمستعار منه هو الإنسان، والمستعار له هو الصبح، ووجه الشبه هو حركة الإنسان وخروج النور، فكلتاهما حركة دائبة مستمرة، وقد ذكر المشبه وهو الصبح، وحذف المشبه به وهو الإنسان، فعادت الاستعارة مكنية.
وهاتان الاستعارتان أعني التصريحية والمكنية نظرا فيهما إلى طرفي التشبيه في الاستعارة، وهما المشبه والمشبه به، فتارة يحذف المشبه فتسمى الاستعارة (تصريحية) وتارة يحذف المشبه به فتسمى الاستعارة (مكنية).
وهذان النوعان أهم أقسام الاستعارة وعمدتها

يقول ابن الأثير:" إنّما سمّي هذا القسم من الكلام استعارة لأنّ الأصل في الاستعارة المجازيّة مأخوذ من العارية الحقيقيّة التي هي ضرب من المعاملة وهي أن يستعيرَ النّاسُ من بعضهم شيئا من الأشياء ولا يقع ذلك إلاّ من شخصين بينهما سبب معرفةٌ وهذا الحكم جارٍ في استعارة الألفاظ بعضها من بعض.

فالمشاركة بين اللّفظين في نقل المعنى من أحدهما إلى الآخر كالمعرفة بين الشّخصين في نقل الشيء المستعار من أحدهما إلى الآخر."...(1)
ب) اصطلاحا:


عرّف البلاغيّون القدامى الاستعارة منذ القرن الثالث الهجريّ كما يلي:

1.
تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامَه. ( الجاحظ) (1) المثلُ السّائرُ 364
2.
نقل للّفظ من معنى إلى معنى. (المبرّد)
3.
اللّفظ المستعمل في غير ما وُضِعَ له إذا كان المسمّى به بسبب من الآخر أو كان مجاريا له أو مشاكلا. (ابن قتيبة)
4.
أن يُستعار للشيء إسمٌ غيره أو معنى سواه. (ثعلب)
5.
استعارة الكلمة لشيء لم يُعرف من شيء عُرِفَ به. (ابن المعتزّ)
6.
ما اكتفي فيها بالاسم المستعار عن الأصل ونُقِلت العبارة فجُعِلَت في مكان غيرها. ( علي بن عبد العزيز الجرجانيّ)
7.
تعليق العبارة على غير ما وُضِعت له في أصل اللّغة على جهة النّقل للإبانة. (الرمّانيّ)
8.
نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللّغة إلى غيره. (أبو الهلال العسكريّ)
9.
أن يكون لفظ الأصل في الوضع اللّغويّ معروفا تدلّ الشّواهد على أنّه اختصّ به حين وُضِعَ ثمّ يستعمله الشّاعر أو غير الشّاعر في غير ذلك الأصل وينقله إليه نقلا غيرَ لازمٍ فيكون هنا كالعارية. ( عبد القاهر الجرجانيّ)
10.
ذكرُ الشيء باسم غيره وإثبات ما لغيره له لأجل المبالغة في التشبيه. ( فخر الدّين بن الخطيب)
11.
نقل المعنى من لفظ إلى لفظ لمشاركةٍ بينهما مع طيّ ذكر المنقولِ إليه. (ابن الأثير)
12.
أن تَذكُرَ أحدَ طرفي التشبيه وتريدَ الطّرف الآخرَ مدّعيا دخول المشبّه في جنس المشبّه به إلاّ على ذلك بإثباتك للمشبّه ما يخصّ المشبّه به. (السكاكيّ)

تلك هي تعريفات الاستعارة مرتّبة ترتيبا تاريخيّا و يُلاحظ الدّارس لها أنّ الاستعارة قد تطوّرت في تعريفها فكانت في أوّل أمرها تشمل المجاز بأنواعه من غير بيان العلاقة بين المستعار منه و المستعار له ثمّ اتّضح التعريف شيئا فشيئا واشترطت العلاقة بالمجاورة أو المشاكلة أو بسبب يربط بين طرفيهما ثمّ ذكر الغرض من استعمالها. وقد خلط غيرُ واحد من علماء البلاغة بين الاستعارة والتشبيه فجعلوا بعض التشبيهات استعارات و بعض الاستعارات تشبيهات وعدّ أهل البلاغة كابن رشيق وأبي الهلال العسكريّ التشبيهَ المضمرَ الأداةِ استعارةً لأنّ التشبيه في نظرهم إنّما يتميّز بالأداة و لذا فهم يرون إنّ المفهوم من " زيدٌ أسدٌ" مثل المفهوم من " لقيتُ الأسدَ" أو" زارني الأسدُ". وقد اعترض على ذلك القاضي الجرجانيّ في "الوساطة" ورأى أنّه ورد ما يظنّه النّاسُ استعارةً وهو تشبيه أو مثلٌ و قد أنار إمام البلاغة الجرجانيّ هذه المسألة ووضّح الفرق بين التشبيه و الاستعارة بقوله :

" إنّ الاستعارة وإن كانت تعتمد التشبيهَ والتمثيلَ و كان التشبيهُ يقتضي شيئين مشبّها ومشبّها به وكذلك التمثيلُ لأنّه كما عرفت تشبيه إلاّ أنّه عقليٌّ فإنّ الاستعارة من شأنها أن تُسقِطَ ذكرَ المشبّه من البين وتطرحه وتدّعي له الاسم الموضوعَ للمشبّه به كما مضى من قولك" رأيتُ زيدا" تريد رجلا شجاعا فاسمً الذي هو غيرُ مشبّهٍ غيرُ مذكورٍ بوجه من الوجوه كما ترى وقد نقلتَ الحديثَ إلى اسم المشبّه به لقصدكَ أن تبالغَ."


ويُجمِعُ البلاغيّون على أنّ الاستعارة ضربٌ من المجاز اللّغويّ علاقته المشابهة أي لفظ استُعمل في غير ما وُضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقيّ ... فالأساس الذي تقوم عليه الاستعارة هو التشبيه ولذلك عُدَّ أصلا وعُدَّتْ الاستعارة فرعًا له.(1)

الاستعارة

تعريف الاستعارة:هي الكلمة المستعملة لغير ما وضعت له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي.

نحو: رأيت بحراً في الكلّية.
أسلوب استعارة لأنّك أردت من البحر العالم الذي كثر علمه بقرينة "الكلية" فالبحر الحقيقي لا يوجد عادة فيها.

و الإستعارة إنما هي من سنن العرب. هي أن تستعير للشيء ما يليق به، ويضعوا الكلمة مستعارة له من موضع آخر.

كقولهم في استعارة الأعضاء لما ليس من الحيوان: رأسُ الأمرِ، رأسُ المال، وجهُ النَّار، عين
الماءِ، حاجِبُ الشَّمس، أنفُ الجبل، أنفُ الباب، لِسانُ النَّارِ، رِيقُ المُزْنِ، يَدُ الدَّهرِ، جَناحُ الطَّريقِ،
كَبِدُ السَّماءِ، ساقُ الشَّجَرَةِ.

وكقولهم في التَّفرُّق: انْشَقَّتْ عَصاهُمْ، شالَت نَعامَتهم، مرُّوا بين سنع الأرض وبَصرِها،
فَسا بينَهم الظِّربان.

وكقولهم في اشتداد الأمر: كَشَفَتِ الحَرْبُ عن ساقِها، أبدى الشَّرُّ عن ناجِذَيه،
حَمِيَ الوَطيسُ، دارَتْ رحى الحَربُ.

وكقولهم في ذكر الآثار العُلويَّة:افتَرَّ الصُبْحُ عن نواجِذَهُ، ضَرَبَ بِعَموده، سُلَّ سَيفُ الصُّبْحِ من غِمد الظَّلام، نَعَرَ الصُّبحُ في قفا الليل،باحَ الصُّبحُ بِسرِّهِ، وهي نطاق الجوزاء، انحَطَّ قِنْديلُ الثُرَيَّا،ذّرَّ قرْن الشَّمس،ارتَفع النَّهار، ترحَّلت الشَّمس، رَمَتِ الشَّمس بِجَمَرات الظَّهيرَةِ، بَقَلَ وجهُ النَّهار،خَفَقَتْ راياتُ الظَّلام،

نَوَّرت حدائِقُ الجوِّ، شابَ رأسُ الليل، لَبِسَت الشَّمس جِلبابها، قام خَطيب الرَّعد،خَفَقَ قَلب البَرق،
انحَلَّ عِقْدُ السَّماء، وَهَى عِقد الأنداد، انْقَطَعَ شِريان الغَمام، تَنفَّسَ الرَّبيع، تَعَطَّرَ النَّسيمُ، تَبَرَّجَت
الأرضُ، قَوِيَ سلطان الحرِّ، آنَ أن يَجيشَ مِرْجَلُهُ، ويثورَ قَسْطُلُه، انْحَسَرَ قِناع الصَّيف، جاشَت
جُيوشُ الخَريفِ، حَلَّت الشَّمس الميزان، وعَدَل الزَّمان، دبَّت عَقاربُ البردِ، أقدمَ الشِّتاء بِكَلْكَلِه،
شابَت مَفارِقُ الجِبالِ، يوم عبوسٌ قَمْطَرير، كشَّرَ عن نابِ الزَّمْهَرير.

وكقولهم في محاسن الكلام:
الأدَبُ غِذاءُ الرُّوح،الشَّباب باكورَةُ الحَياةِ،الشَّيب عنوان الموت، النَّار فاكهة الشِّتاء،العِيال سوسُ المال،النَّبيذُ كيمْياء الفَرَح،الوحدة قَبر الحيِّ، الصَّبر مفْتاحُ الفَرَج،الدَّين داء الكرم، النَّمَّام جسرُ الشرِّ، الإرجافُ زَندُ الفِتنةِ،الشُّكرُ نسيمُ النَّعيم، الرَّبيع شبابُ الزَّمان، الولَدُ ريحانَةُ الروحِ،الشَّمس قَطيفَةُ المساكين،الطِّيب لسانُ المُروءة

أخي الكريم و هذا سؤال طرح على بعض المدرسين المتخصصين في اللغة العربية و هو الدكتور ناصر بن عبد الرحمن و هو عضو هيئة التدريس بكلّية اللّغة العربية لعلك تستفيد منه .

السؤال : ما الفرق بين الاستعارة المكنية والاستعارة التصريحية من خلال الأمثلة؟

إجابة السؤال الأول: الاستعارة المكنية هي ما حذف فيها المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه.

ومثاله قول الحجاج في أحد خطبه:
"إني لأرى رءوسًا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها".

وهنا يقول الحجاج مهددًا: "إني لأرى رءوسًا قد أينعت"أفاد أنه شبه الرءوس بالثمرات ثم حذف المشبه به ورمز للمشبه به بشيء من لوازمه وهو أينعت.
الاستعارة التصريحية: وهي ما صُرِّحَّ فيها برمز المشبه به.

مثاله: قوله تعالى: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [إبراهيم: 1] فهنا شبه الضلال بالظلمات، والهدى والإيمان بالنور، ثم حذف المشبه وهو الضلال والهدى، واستعير بدلاً منه لفظ المشبه به ليقوم مقامه، بادعاء أن المشبه به هو عين المشبه، وهذا أبعد مدى في البلاغة.

الإجراء سليم، وأيضًا التعريف كذلك صحيح، لكنه عندما عرف الاستعارة التصريحية قال ماذا؟
قال: في الاستعارة التصريحية وهي ما صرح فيها برمز المشبه به.

لا.. هو: بلفظ المشبه به، الأدق من هذا أن يقال بلفظ المشبه به، اللفظ المخصص للمشبه به صرح به واستعير لفظه تمامًا.

يقصد بالرمز على ما أعتقد أنه اللفظ.
صحيح، لكن الأصرح من هذا والأدل والأدق أن يقول: بلفظ.

أما جوابه فجيد وصحيح وأيضًا تحليله طيب وشواهده أيضًا منطبقة على القاعدة.
يقول في السؤال الثاني: والذي هو: أجرِ الاستعارة في هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12]

ابحث عن الاستعارة في الآية؟ ثم أجرِ استعارة مكنية في موضع وتصريحية في موضع آخر؟
الإجابة: هنا في قوله تعالى: ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا ﴾ استعارة تصريحية تبعية، فقد شبه الغيبة بالأكل بجامع نهش الأعراض في كلٍ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه، ثم اشتق من الأكل الفعل (يأكل).

ويجوز أيضًا أن نجري الاستعارة على وجه آخر فنقول: إنه تم تشبيه الغيبة بإنسان يأكل أو حيوان مفترس ينهش، ثم حذف المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو (يأكل) فتكون الاستعارة مكنية.

الإجراء بعمومه صحيح، لكن إجراءه للمكنية غير دقيق عندما شبه المغتاب، الأدق من هذا أن يقال: إن الله -جل وعز- قد قال: ﴿ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ ﴾ شبه المغتاب الذي يأكل أعراض الناس ولا يفرق بينهم بحيوان أو بسبع مفترس لا يفرق بين ما يأكل من صغير أو كبير أو حلال أو حرام، بجامع الانتقاص في كلٍ، فالحيوان المفترس ينتقص من الميتة وأيضًا المغتاب ينتقص من أعراض إخوانه.

ثم حذف المشبه به حذف المكنية، ودل عليه بلازم من لوازمه وهو الأكل، الفعل المضارع (يأكل).

التصريحية التبعية هنا صحيح إجراؤها، أن نقول استعير الأكل في قوله (يأكل)، استعير الأكل للاغتياب أو الغيبة، شبهت الاغتياب أو الغيبة شبهت بالأكل بجامع الانتقاص في كلٍ واللامبالاة، ثم اشتق من الفعل المضارع يأكل بمعنى يغتاب، ثم اشتق من المصدر وهو الأكل الفعل المضارع يأكل بمعنى يغتاب، وذلك على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.

والقرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي هي: كلمة ﴿ أَحَدُكُمْ ﴾ لأن الأحد وهو يغتاب لا يأكل أكلاً حسيًا، لا يأكل أكلاً حسيًا ولا ينهش اللحم، وإنما بلسانه يغتاب وينتقص عرض أخيه.

أقسام الاستعارة: الاستعارة التصريحية و المكنية.
1- الاستعارة التصريحية هي ما صرّح فيها بلفظ المستعار منه ( المشبّه به).

مثل قول البحتري:
يُؤَدُّونَ التّحِيَّةَ من بعيدٍ إلى قمرٍ في الإيوانِ بادِ
فقمر مستعار للممدوح، و القرينة يؤدون التحية.

ومنه وصف المتنبي دخول رسول الروم على سيف الدولة:
وَأَقبَلَ يمشِي في البسَاط فما دَرى إلى البحرِ يسعى أم إلى البحرِ يَرتَقِي
البحر، البدر : استعارة تصريحية.
القرينة : يمشي في البساط.

2- الاستعارة المكنيّة : هي ما حذف المستعار منه ( المشبه به ) و رمز له بشيء من لوازمه.

قال الشاعر دعبل الخزاعي:
لا تَعجَبِي يا سَلمُ من رجلٍ ضَحِكَ المشِيبُ بِرَأسِهِ فَبَكَى.

الاستعارة هنا هي كلمة "المشيب" حيث شبّه بإنسان ثمّ حذف المشبّه به "الإنسان" ورمز له بشيء من لوازمه هو "ضحك" الذي هو القرينة.

يقول تعالى:" واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة "
الاستعارة في كلمة " الذلّ " حيث شبّه بالطائر ثمّ حذف المشبّه به و رمز له بشيء من لوازمه "الجناح".

فاركان الاستعارة ثلاثة: المستعار منه وهو المشبّه به والمستعارُ له وهو المشبّه وهما طرفا الاستعارة والمستعار وهو اللّفظ المنقولُ.

والأصل في الاستعارة أن تكون في اسم الجنس دون اسم العلم لأنّ اسم الجنس يقتضي العموم في حين أنّ العلمَ ينافي العموم إلاّ إذا تضمّن صفةً قد اشتهر بها كتضمّن حاتم صفة الكرم وسحبان صفة الفصاحة وباقل صفة العيّ فيُصبح عند ذلك اعتبار ذلك العلم كليّا تجوز استعارته.

و يجوز أن تقع الاستعارة في الأفعال و المشتقّات( أسماء الفاعلين والمفعولين والصفة المشبّهة وأسماء المكان والحروف والأسماء المبهمة(أسماء الإشارة واسم الموصول والضمائر)) وسيأتي بيان ذلك في الاستعارة التبعيّة.

هذا ما قدرت أن أجمعه إن شاء الله تستفاد منه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

مـيـثـاق :: شـبـكـة عـشـاق الـحـور الإسـلامـية | حـفـظـهـا الله

مُنايَ من الدنيـا عُلومٌ أَبُثهـا ** وأنشرها في كل بـادٍ وحاضـرِ
دُعاءٌ إلى القرآن والسُّننِ التي ** تَناسى رِجالٌ ذَكرها فِي المحاضـر
وأَلـزمُ أطرافَ الثغـورِ مُجاهداً ** إذا هيعةٌ ثارتْ فـأولُ نـافرِ
لألقى حِمامي مُقبلاً غيرَ مُدبـرٍ ** بِسُمرِ العَوالي والرِّقاق البواتِـرِ
كِفاحاً معَ الكُفار فِي حومةِ الوغى ** وأكرمُ موتٍ للفتى قتلُ كافرِ
فيا رب لا تجعل حِمامي بغيرها ** ولا تجَعَلنَّـي من قطين المقابـرِ


أيضاً :


لعل عبد القاهر الجرجاني (ت: 471ه‍) من أوائل من قسم الاستعارة إلى قسمين: مفيدة وغير مفيدة. فالمفيدة عنده ما كان لنقلها فائدة وهي مدة هذا الفن ومداره، وغير المفيدة ما لا يكون لها فائدة في النقل، وموضعها حيث يكون اختصاص الاسم بما وضع له من طريق أريد به التوسع في أوضاع اللغة.
وأشار أيضاً إلى أنها استعارة بالاسم تارة وبالفعل تارة أخرى ولمح إلى التصريحية منها والمكنية.
وكان هذا التقسيم مدار البحث البلاغي عند المتأخرين، حتى إذا تلاقفوا هذه التقسيمات، أضافوا إليها، وشققوها إلى أقسام أخر، تتجاوز العشرة من حيث وجوه الشبه وأدوات التشبيه وأطرافه، مما ذهب برونق الاستعارة التصويري، وبهائها الفني فعادت علماً جافاً لا ينبض بالحياة. ولا كبير أمر في ذكر جميع هذه الأقسام والدخول في تفصيلات تلك الأنواع، ولكننا سنعالج في حدود معينة أهم ما تواضعوا عليه ممثلاً له بما في كتاب الله تعالى من علائم وسمات ومصاديق:

1_ الاستعارة التصريحية: وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه، أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه، ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
(كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ...).
ففي هذه الآية استعارتان في لفظي: الظلمات والنور، لأن المراد الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال والهدى، لأن المراد إخراج الناس من الضلال إلى الهدى، فاستعير للضلال لفظ الظلمات، وللهدى لفظ النور، لعلاقة المشابهة ما بين الضلال والظلمات.
وهذا الاستعمال _كما ترى _ من المجاز اللغوي لأنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ المشبه، وأستعير بدله لفظ المشبه به، وعلى هذا فكل مجاز من هذا السنخ يسمى "استعارة" ولما كان المشبه به مصرحاً بذكره سمي هذا المجاز اللغوي، أو هذه الاستعارة "استعارة تصريحية" لأننا قد صرحنا بالمشبه به، وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكلام.

2_ الاستعارة المكنية: وهي ما حذف فيها المشبه به، أو المستعار منه، حتى عاد مختفياً إلا أنه مرموز له بذكر شيء من لوازمه دليلاً عليه بعد حذفه.
ومثال ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى:
(ولَمّا سكتَ عَن موسى الغَضَبُ أخَذَ الألواحَ وفي نُسخَتِها هُدىً وَرَحمةٌ...).
ففي هذه الآية ما يدل على حذف المشبه به، وإثبات المشبه، إلا أنه رمز إلى المشبه به بشيء من لوازمه، فقد مثلت الآية (الغضب) بإنسان هائج يلح على صاحبه باتخاذ موقف المنتقم الجاد، ثم هدأ فجأة، وغير موقفه، وقد عبر عن ذلك بما يلازم الإنسان عند غضبه ثم يهدأ ويستكين، وهو السكوت، فكانت كلمة (سكت) استعارة مكنية بهذا الملحظ حينما عادت رمزاً للمشبه به.
وأظهر من ذلك في الدلالة قوله تعالى:
(والصُّبح إذا تَنَفَسَ).
فالمستعار منه هو الإنسان، والمستعار له هو الصبح، ووجه الشبه هو حركة الإنسان وخروج النور، فكلتاهما حركة دائبة مستمرة، وقد ذكر المشبه وهو الصبح، وحذف المشبه به وهو الإنسان، فعادت الاستعارة مكنية.
وهاتان الاستعارتان أعني التصريحية والمكنية نظرا فيهما إلى طرفي التشبيه في الاستعارة، وهما المشبه والمشبه به، فتارة يحذف المشبه فتسمى الاستعارة (تصريحية) وتارة يحذف المشبه به فتسمى الاستعارة (مكنية).
وهذان النوعان أهم أقسام الاستعارة وعمدتها، وهناك تقسيم لها باعتبار لفظها إلى أصلية وتبعية:

3_ الاستعارة الأصلية، وهي ما كان اللفظ المستعار في الأسماء غير المشتقة، وهذا هو الأصل في الاستعارة، ومثاله من القرآن الكريم قوله تعالى:
(كِتابٌ أنزلنَاهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ من الظُّلماتِ إلى النُّورِ...).
فالاستعارة هنا في كلمتي: (الظلمات والنور) وكلاهما جامد غير مشتق، لأن المراد بهما جنس الظلمات وجنس النور.

4_ الاستعارة التبعية، وهي الاستعارة التي تقع في الفصل المشتق أو الاسم المشتق أو الصفة المشتقة، ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
(فأَذّاقها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخوفِ...)، فالمستعار هنا هو (اللباس) فقد شبه الجوع والخوف بشبح يرتدي لباس الفزع، ولما كان متلبساً به من كل جانب وملتصقاً بكيانه من كل جهة، عاد مما يتذوق مادياً وإن كان أمراً معنوياً، ثم أستعير اللفظ الدال على المشبه به وهو اللباس للمشبه وهو الجوع والخوف من لفظ مشتق وهو "اللبس".
وهناك تقسيم آخر باعتبار اللفظ المستعارة مطلقاً، إما أن يكون محققاً، وإما أن يكون متخيلاً، فبرزت استعارتان هما: التحقيقية والتخييلية.

5_ الاستعارة التحقيقية: وهي أن يذكر اللفظ المستعار مطلقاً بحيث يكون المستعار له أمراً محققاً يدرك في الفعل أو الحس، ومثاله قوله تعالى: (وآيةٌ لَهُمَ الّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النّهار...).
فإن الاستعارة هنا مفهومة، لأن المراد بالسلخ لغةً هو كشط الجلد، والمراد به هنا عقلاً هو إزالة الضوء، فالاستعارة محققة الوقوع عقلاً وحساً، لأن مفهوم لفظ السلخ بعد صرفه عن معناه الحقيقي لا يتجه إلا إلى إيضاح أمر المستعار وتجلية حقيقته.

6_ الاستعارة التخييلية: وهي أن يستعار لفظ دال على حقيقة خيالية تقدر في الوهم، ثم تردف بذكر المستعار له إيضاحاً لها أو تعريفاً لحالها.
ومثال ذلك من القرآن الكريم كل الآيات التي يتوهم منها التشبيه، أو يتخيل فيها التجسيم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فقوله تعالى: (بَل يَداهُ مَبسُوطتانِ يُنفقُ كيفَ يشاء...).
وقوله تعالى: (ويَبقى وَجهُ رَبّكَ...).
وقوله تعالى: (خَلَقتُ بيديَّ...).
كلها استعارات تخييلية، إذ تخيل اليد والوجه بالنسبة إليه تعالى إنما يصح على جهة الاستعارة لا الاستعمال الحقيقي.
ويبدو مما تقدم أن الاستعارة في البيان العربي صيغة من صيغ الشكل الفني في استعمالاته البلاغية الكبرى، تحمل النص ما لا يبدو من ظاهر اللفظ، أو بدائي المعنى، وإنما تؤلف بين هذا وهذا في عملية إبداع جديدة تضفي على اللفظ إطار المرونة والنقل والتوسع، وتضيف إلى المعنى مميزات خاصة نتيجة لهذا النقل الذي قد دل على معنى آخر، لا يتأتى من اللفظ خلال واقعه اللغوي.

فالاستعارة بهذا تنتقل بالنص من الجمود اللفظي المحدد إلى السيرورة في التعبير، والمثلية الذائعة في الاستعمال.
وقد ثبت دون ريب _من خلال نماذج البحث _ أن استعارات القرآن الكريم لألفاظه وكلماته، ركن من أركان البلاغة العربية المتطورة، تصقل الشكل، وتضيء الهيكل العام، ولا تستعمل فيه بوصفها استعارة فحسب، بل لأنها أسلوب مشرق من أساليب الصور الفنية التي تجمع إلى جنب العمق في نقل اللفظ وإضافة المعنى _ الحس والحياة في النص الأدبي.
------------------------------------
المصدر :عن اصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم

و هذا أيضاً :

لعل عبد القاهر الجرجاني (ت: 471ه‍) من أوائل من قسم الاستعارة إلى قسمين: مفيدة وغير مفيدة. فالمفيدة عنده ما كان لنقلها فائدة وهي مدة هذا الفن ومداره، وغير المفيدة ما لا يكون لها فائدة في النقل، وموضعها حيث يكون اختصاص الاسم بما وضع له من طريق أريد به التوسع في أوضاع اللغة.
وأشار أيضاً إلى أنها استعارة بالاسم تارة وبالفعل تارة أخرى ولمح إلى التصريحية منها والمكنية.
وكان هذا التقسيم مدار البحث البلاغي عند المتأخرين، حتى إذا تلاقفوا هذه التقسيمات، أضافوا إليها، وشققوها إلى أقسام أخر، تتجاوز العشرة من حيث وجوه الشبه وأدوات التشبيه وأطرافه، مما ذهب برونق الاستعارة التصويري، وبهائها الفني فعادت علماً جافاً لا ينبض بالحياة. ولا كبير أمر في ذكر جميع هذه الأقسام والدخول في تفصيلات تلك الأنواع، ولكننا سنعالج في حدود معينة أهم ما تواضعوا عليه ممثلاً له بما في كتاب الله تعالى من علائم وسمات ومصاديق:

1_ الاستعارة التصريحية: وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به دون المشبه، أو ما استعير فيها لفظ المشبه به للمشبه، ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
(كِتابٌ أنزلناهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ...).
ففي هذه الآية استعارتان في لفظي: الظلمات والنور، لأن المراد الحقيقي دون مجازهما اللغوي هو: الضلال والهدى، لأن المراد إخراج الناس من الضلال إلى الهدى، فاستعير للضلال لفظ الظلمات، وللهدى لفظ النور، لعلاقة المشابهة ما بين الضلال والظلمات.
وهذا الاستعمال _كما ترى _ من المجاز اللغوي لأنه اشتمل على تشبيه حذف منه لفظ المشبه، وأستعير بدله لفظ المشبه به، وعلى هذا فكل مجاز من هذا السنخ يسمى "استعارة" ولما كان المشبه به مصرحاً بذكره سمي هذا المجاز اللغوي، أو هذه الاستعارة "استعارة تصريحية" لأننا قد صرحنا بالمشبه به، وكأنه عين المشبه مبالغة واتساعاً في الكلام.

2_ الاستعارة المكنية: وهي ما حذف فيها المشبه به، أو المستعار منه، حتى عاد مختفياً إلا أنه مرموز له بذكر شيء من لوازمه دليلاً عليه بعد حذفه.
ومثال ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى:
(ولَمّا سكتَ عَن موسى الغَضَبُ أخَذَ الألواحَ وفي نُسخَتِها هُدىً وَرَحمةٌ...).
ففي هذه الآية ما يدل على حذف المشبه به، وإثبات المشبه، إلا أنه رمز إلى المشبه به بشيء من لوازمه، فقد مثلت الآية (الغضب) بإنسان هائج يلح على صاحبه باتخاذ موقف المنتقم الجاد، ثم هدأ فجأة، وغير موقفه، وقد عبر عن ذلك بما يلازم الإنسان عند غضبه ثم يهدأ ويستكين، وهو السكوت، فكانت كلمة (سكت) استعارة مكنية بهذا الملحظ حينما عادت رمزاً للمشبه به.
وأظهر من ذلك في الدلالة قوله تعالى:
(والصُّبح إذا تَنَفَسَ).
فالمستعار منه هو الإنسان، والمستعار له هو الصبح، ووجه الشبه هو حركة الإنسان وخروج النور، فكلتاهما حركة دائبة مستمرة، وقد ذكر المشبه وهو الصبح، وحذف المشبه به وهو الإنسان، فعادت الاستعارة مكنية.
وهاتان الاستعارتان أعني التصريحية والمكنية نظرا فيهما إلى طرفي التشبيه في الاستعارة، وهما المشبه والمشبه به، فتارة يحذف المشبه فتسمى الاستعارة (تصريحية) وتارة يحذف المشبه به فتسمى الاستعارة (مكنية).
وهذان النوعان أهم أقسام الاستعارة وعمدتها، وهناك تقسيم لها باعتبار لفظها إلى أصلية وتبعية:

3_ الاستعارة الأصلية، وهي ما كان اللفظ المستعار في الأسماء غير المشتقة، وهذا هو الأصل في الاستعارة، ومثاله من القرآن الكريم قوله تعالى:
(كِتابٌ أنزلنَاهُ إليكَ لِتُخرجَ الناسَ من الظُّلماتِ إلى النُّورِ...).
فالاستعارة هنا في كلمتي: (الظلمات والنور) وكلاهما جامد غير مشتق، لأن المراد بهما جنس الظلمات وجنس النور.

4_ الاستعارة التبعية، وهي الاستعارة التي تقع في الفصل المشتق أو الاسم المشتق أو الصفة المشتقة، ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى:
(فأَذّاقها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخوفِ...)، فالمستعار هنا هو (اللباس) فقد شبه الجوع والخوف بشبح يرتدي لباس الفزع، ولما كان متلبساً به من كل جانب وملتصقاً بكيانه من كل جهة، عاد مما يتذوق مادياً وإن كان أمراً معنوياً، ثم أستعير اللفظ الدال على المشبه به وهو اللباس للمشبه وهو الجوع والخوف من لفظ مشتق وهو "اللبس".
وهناك تقسيم آخر باعتبار اللفظ المستعارة مطلقاً، إما أن يكون محققاً، وإما أن يكون متخيلاً، فبرزت استعارتان هما: التحقيقية والتخييلية.

5_ الاستعارة التحقيقية: وهي أن يذكر اللفظ المستعار مطلقاً بحيث يكون المستعار له أمراً محققاً يدرك في الفعل أو الحس، ومثاله قوله تعالى: (وآيةٌ لَهُمَ الّيلُ نَسلَخُ مِنهُ النّهار...).
فإن الاستعارة هنا مفهومة، لأن المراد بالسلخ لغةً هو كشط الجلد، والمراد به هنا عقلاً هو إزالة الضوء، فالاستعارة محققة الوقوع عقلاً وحساً، لأن مفهوم لفظ السلخ بعد صرفه عن معناه الحقيقي لا يتجه إلا إلى إيضاح أمر المستعار وتجلية حقيقته.

6_ الاستعارة التخييلية: وهي أن يستعار لفظ دال على حقيقة خيالية تقدر في الوهم، ثم تردف بذكر المستعار له إيضاحاً لها أو تعريفاً لحالها.
ومثال ذلك من القرآن الكريم كل الآيات التي يتوهم منها التشبيه، أو يتخيل فيها التجسيم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فقوله تعالى: (بَل يَداهُ مَبسُوطتانِ يُنفقُ كيفَ يشاء...).
وقوله تعالى: (ويَبقى وَجهُ رَبّكَ...).
وقوله تعالى: (خَلَقتُ بيديَّ...).
كلها استعارات تخييلية، إذ تخيل اليد والوجه بالنسبة إليه تعالى إنما يصح على جهة الاستعارة لا الاستعمال الحقيقي.
ويبدو مما تقدم أن الاستعارة في البيان العربي صيغة من صيغ الشكل الفني في استعمالاته البلاغية الكبرى، تحمل النص ما لا يبدو من ظاهر اللفظ، أو بدائي المعنى، وإنما تؤلف بين هذا وهذا في عملية إبداع جديدة تضفي على اللفظ إطار المرونة والنقل والتوسع، وتضيف إلى المعنى مميزات خاصة نتيجة لهذا النقل الذي قد دل على معنى آخر، لا يتأتى من اللفظ خلال واقعه اللغوي.
وتَنْقَسِمُ الاستعارةُ إلى أصْلِيَّةٍ، وهيَ ما كانَ فيها المستعارُ اسْمًا غيرَ مُشْتَقٍّ، كاستعارةِ (الظلام) لـ(الضلال)، و(النورِ) لـ(الهُدى).
وإلى تَبعِيَّةٍ، وهيَ ما كان فيها المستعارُ فعْلًا، أوْ حرفًا، أو اسمًا مُشْتَقًّا، نحوُ: (فلانٌ ركِبَ كَتِفَيْ غَرِيمِه)، أيْ لازَمَه مُلازَمَةً شديدةً، وقولِه تعالى: {أُولَـئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ}، أيْ: تَمَكَّنُوا من الحصولِ على الهدايةِ التامَّةِ، ونحوُ قولِه:
ولئن نَطَقْتُ بشكْرِ بِرِّكَ مُفْصِحًا = فلسانُ حالي بالشِّكايةِ أَنْطَقُ
ونحوُ: أَذَقْتُه لِباسَ الموتِ، أيْ: أَلْبَسْتُه إِيَّاه.

التعديل الأخير تم بواسطة عماد ; 11-13-2008 الساعة 08:39 PM.

عبد العزيز الداخل مشاهدة ملفه الشخصي (http://www.afaqattaiseer.com/vb/member.php?u=8) إرسال رسالة خاصة إلى عبد العزيز الداخل (http://www.afaqattaiseer.com/vb/private.php?do=newpm&u=8) البحث عن المشاركات التي كتبها عبد العزيز الداخل (http://www.afaqattaiseer.com/vb/search.php?do=finduser&u=8)
#2 (http://www.afaqattaiseer.com/vb/showpost.php?p=4123&postcount=2)
http://www.afaqattaiseer.com/vb/images/greennejom/statusicon/post_old.gif 11-13-2008
عماد (http://www.afaqattaiseer.com/vb/member.php?u=19) http://www.afaqattaiseer.com/vb/images/greennejom/statusicon/user_offline.gif
عضو هيئة الإعداد العلمي
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 304


http://www.afaqattaiseer.com/vb/images/icons/icon1.gif الحواشي النقية للشيخ : محمد علي بن حسين المالكي
وتَنقسِمُ الاستعارةُ إلى أصليَّةٍ (151)، وهي ما كان فيها المستعارُ اسمًا غيرَ مشتَقٍّ، كاستعارةِ الظلامِ للضلالِ، والنورِ للهُدى. وإلى تبعيَّةٍ، وهي ما كان فيها المستعارُ فعْلاً(152) أو حرفًا أو اسمًا مشتقًّا (153). نحوُ: ركِبَ فلانٌ كَتِفَيْ غَريمِهِ(154)، أي لازَمَه مُلازمةً شديدةً، وقولِه تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِن رَبِّهِمْ}(155) أي تَمَكَّنوا من الحصولِ على الهدايةِ التامَّةِ، ونحوُ قولِه:
ولَئِنْ نَطَقْتُ بشُكْرِ برِّكَ مفصِحًا = فلسانُ حالي بالشِّكَايةِ أَنْطَقُ
أي أدَلُّ
__________________________
(151) قولُه: (وتَنقسـِمُ الاستعارةُ إلى أصليَّةٍ إلخ)، ظاهرةٍ، سواءٌ كانت تصريحيَّةً أو مكنيَّةً، وهو كذلكَ. فالمكنيَّةُ الأصليَّةُ ما كان مسمَّاها، سواءٌ قلتَ: إنَّه لفظُ المشبَّهِ به، أو لفظُ المشبَّهِ، أو لفظُ التشبيهِ المضمَرِ في النفسِ، اسمًا جامدًا غيرَ مشتَقٍّ، نحوُ: أنشبَت المنيَّةُ أظفارَها بزيدٍ؛ فإنَّ مسمَّاها الذي هو السبعُ المحذوفُ المرمـوزُ إليه بالأظفارِ، أو المنيَّةُ والتشبيهُ المضمَرُ في النفسِ، اسمٌ جامدٌ غيرُ مشتَقٍّ، والتبعيَّةُ ما كان مُسمَّاها اسمًا مشتقًّا أو اسمًا مبهَمًا، أعنِي الضميرَ أو اسمَ الإشارةِ أو اسمَ الموصـولِ، نحوُ: أعجَبَني إراقةُ الضاربِ دمَ زيدٍ، فيُقالُ على مذهَبِ الجمهورِ: شَبَّهَ في النفسِ الضربَ الشديدَ بالقتلِ في شدَّةِ الإيذاءِ، واستُعيرَ القتلُ له في النفسِ، ورُمِزَ إليه بإراقةِ الدمِّ، واشتُقَّ منه قاتلٌ بمعنى: ضاربٌ ضربًا شديدًا، أو فَسَرَى التشبيهُ لحدثي الوصفَيْنِ، فاستُعيرَ القاتلُ للضـاربِ، وطُوِيَ ورُمِزَ له بلازمِه وهو إراقةُ الدمِ. وعلى مَذهَبِ السكَّاكِيِّ شَبَّهَ الضرْبَ بالقتلِ، وادَّعَى أنَّه من جنسِه، فصارَ للقتلِ فردَانِ؛ حقيقيٌّ وادِّعائيٌّ، وهو الضرْبُ المدَّعَى أنَّه قتلٌ، واستُعيرَ الضربُ من معناهُ للقتْلِ الادِّعائيِّ، واشتُقَّ منهُ ضاربٌ بمعنى قاتلٍ ادِّعاءً، وعلى مذهَبِ الخطيبِ شَبَّهَ في النفسِ الضربَ بالقتْلِ، فَسَرَى التشبيهُ إلى ما في ضِمْنَيِ الوصفَيْنِ. ونحوُ: هذا المالُ العَسِرُ المنالِ مطلوبٌ منكَ الاجتهادُ في السَّيْرِ إليه، ونحوُ: أعْجَبَني تَكلُّمُ ما عندَكَ من الدوابِّ، وكقولِك لجليسِك المشغولِ قلبُه عنكَ: أنتَ مطلوبٌ منكَ أن تَسيرَ الآنَ إلينا، فتقولُ على مذهَبِ السلَفِ: شَبَّهَ مُطلَقَ مخاطَبٍ بمطلَقِ غائبٍ، فَسَرَى التشبيهُ للجزئيَّاتِ، واستُعيرَ بالبِناءِ على ذلكَ ضميرُ الغائبِ للمخاطَبِ، وحذَفْتَه وذَكَرْتَ المخاطَبَ ورَمَزْتَ إلى المحذوفِ بذكْرِ لازِمِه مُثبَتًا للمخاطَبِ، وهو طلَبُ السـيرِ منهُ إليكَ. وعلى مذهَبِ السكَّاكِيِّ، شَبَّهَ المطلَقَ بالمطلَقِ، وادَّعَي أنَّ للمشبَّهِ به فـرْدَيْنِ؛ حقيقيًّا وهو مطلَقٌ غائبٌ، وادِّعائيًّا وهو مُطلَقٌ مخاطَبٌ ادُّعِيَ أنَّه غائبٌ، واستُعيرَ مُطلَقٌ مخاطَبٌ لمطلَقٍ غائبٍ ادِّعائيٍّ، واستُعمِلَ الضمـيرُ الموضوعُ لجُزْئِيٍّ من جزئيَّاتِ مُطلَقٍ مخاطَبٍ في جزئِيٍّ من جُزئيَّاتِ مطلَقٍ غائبٍ ادِّعائيٍّ. وعلى مذهَبِ الخطيبِ، شَبَّهَ المطلَقَ بالمطلَقِ في النفسِ، فَسَرَى التشبيهُ للجزئيَّاتِ، وقِسْ على ذلكَ. نعمْ لا تَجْرِي المكنيَّةُ في الفعلِ واسمِه، ولا في الحرْفِ، خلافًا لمن وَهِمَ في ذلكَ؛ لأنَّ المكنيَّةَ لا بدَّ فيها من إثباتِ لازمِ المشبَّهِ به للمشبَّهِ، ووضْعِ الفعلِ واسمِه والحـرفِ على أن لا يَثْبُتَ لمعناها شيءٌ بِوَجْهٍ ما، لا بإسنادٍ إليه، ولا بإيقاعٍ عليه، ولا بإضافةٍ إليه، كما لا يَخْفَى أَنْبَابِيٌّ على البيانيَّةِ.

(152) قولُه: (وهو ما كانَ فيها المُستعارُ فِعْـلاً إلخ)، أمَّا وجهُ كونِها تبعيَّةً في الحرْفِ، فهو أنَّ الحرفَ موضوعٌ لمعنًى غيرِ مستقِلٍّ بنفسِه لا يَصلُحُ للموصوفيَّةِ التي يَقتضيها التشبيهُ الذي تُبْنَى عليه الاستعارةُ، من حيثُ إنَّه لا يَتحقَّقُ إلاَّ باتِّصافِ طرَفَيْهِ بوجهِ الشبَهِ الذي هو المعنى الجامعُ بينَهما، وعليه فلا تَتأتَّى الاستعارةُ في الحرفِ إلاَّ إذا جَرَى التشبيهُ أوَّلاً في مُتعلِّقِ معناهُ الكلِّيِّ المعبَّرِ به عنه كالظرفيَّةِ لـ (في)، والاستعلاءِ لـ (ِعَلى)، ألا تَرَى أنَّ مطلَقَ الظرفيَّةِ مثلاً ليسَ هو معنى في، وإلاَّ كانت اسمًا لا حرفًا، بلْ معناها ظرفيَّةٌ خاصَّةٌ بظرفٍ ومظروفٍ خاصَّيْنِ، ثمَّ يَسْرِي التشبيهُ من مُتعلِّقِه إلى معناهُ الخاصِّ، فيُستعارُ من معناهُ الخاصِّ الحقيقيِّ إلى معناهُ الخاصِّ المجازيِّ، فافْهَمْ. وأمَّا وجهُ كونِها تبعيَّةً في الفعلِ فهو أنَّ معناهُ ملاحظٌ فيه النِّسبةُ إلى فاعلِ ما، فإذا كان معناهُ متوقِّفًا على غيرِه لا يَصْلُحُ للموصوفيَّةِ فلا يَصلُحُ للاستعارةِ إلاَّ إذا أُجْرِيَ التشبيهُ أوَّلاً بينَ معنى المصدَرَيْنِ الحقيقيِّ والمجازيِّ ثمَّ يَسْرِي منه إلى ما في ضِمْنَي الفِعليْنِ، ثمَّ يُستعارُ الفعلُ من معناهُ الحقيقيِّ إلى معناهُ المجازيِّ على ما للعصامِ، أو بعدَ تشبيهِ المصدَرَيْنِ يُستعارُ لفظُ المشبَّهِ به للمشبَّهِ، ثمَّ يُشتَقُّ منه الفعلُ على ما للقومِ، فافهَمْ. وأمَّا وجهُ كونِها تبعيَّةً في الاسمِ المشتقِّ فهو أنَّ المقصودَ منه الحدَثُ لا الذاتُ، وحَدَثُه ملاحَظٌ فيه النِّسبةُ إلى فاعلٍ أو نائبِه، فيكونُ باعتبارِ ذلكَ غيرَ صالحٍ للموصوفيَّةِ، فلا يَصلُحُ للاستعارةِ إلاَّ إذا أُجْرِيَ التشبيهُ أوَّلاً بينَ معنى المصدَرَيْنِ نظيرَ ما قيلَ في الفعْلِ، فافْهَمْ.

(153) قولُه: (فِعْلاً أو حرْفًا أو اسمًا مُشتقًّا)، بَقِيَ رابعٌ، وهو اسمُ الفعْلِ. ووجْهُ كونِ الاستعارةِ فيه تبعيَّةً إمَّا ما سَبَقَ في الفعْلِ بِناءً على القولِ بأنَّ مدلولَه معنى الفعْلِ أو لفظُه من حيثُ دَلالتُهُ على معناهُ، لا من حيثُ هو لفظٌ. وإمَّا كونُ الحدَثِ الذي هو مدلولُه بِناءً على أنَّ مدلولَه معنى المصدَرِ ليسَ موضوعًا لأنْ يُحْكَمَ عليه، بل لأنْ يُحْكَمَ به، فلا يَجْرِي فيه التشبيهُ المستَدْعَى للحكْمِ عليه أصالةً؛ فلذلكَ أُجْرِيَ التشبيهُ أوَّلاً في المصدَرِ كذا قيلَ، ولكنَّ الظاهرَ أنَّ حكمَه على هذا القولِ حكْمُ المصدَرِ في كونِ استعارةِ كلٍّ تبعيَّةً، كما يُشيرُ إليه كلامُ العلاَّمةِ الأميرِ، فتأمَّلْ أَنْبَابِيٌّ. وخامسٌ، وهو الاسمُ، المبْهَمُ أعْنِي الضميرَ أو اسمَ الإشارةِ واسمَ الموصولِ على قولِ معَرِّبِ فارسيَّةِ العصامِ، وبه يُشْعِرُ كلامُ عبدِ الحكيمِ. ووجْهُ تبعيَّةِ الاستعارةِ فيه قيلَ أمْرَانِ: أحدُهما، أنَّ معناهُ جُزئيٌّ، والأصليَّةُ مختصَّةٌ بالكُلِّيِّ الجامِدِ. وثانيهما أنَّه لا يَتِمُّ انفهامُ معناهُ الجزئيِّ إلاَّ بضَمِّ ضَميمةٍ إليه كالمرْجِعِ والتكلُّمِ والخِطابِ والصلَةِ والإشارةِ الحسيَّةِ ولو تقديرًا، كأنْ يكونَ مرجِعُ الضميرِ غيرَ مصرَّحٍ به، بل يكونُ معلومًا من السياقِ مَثلاً. وهذهِ أمورٌ خارجيَّةٌ عن مفهومِه لا توجَدُ إلاَّ عندَ التركيبِ والاستعمالِ، ولا يتأتَّى التشبيهُ في معناهُ الجزئيِّ لعدَمِ فهْمِ تلكَ الأمورِ الخارجيَّةِ عن معناهُ الجزئيِّ عندَ التشبيهِ؛ فلذا لم يُعتَبَر التشبيهُ أوَّلاً إلاَّ في كلِّيَّاتِ مفهوماتِ المُبهَماتِ الجزئيَّةِ، وكانت الاستعارةُ في الأسماءِ المبهَمةِ تبعيَّةً وإن كانت معانيها مقصودةً لذاتِها يُحْكَمُ عليها وبها، وقيلَ: هو أنَّه في تأويلِ المشتقِّ، فهذا في تأويلِ مُشارٍ إليه، وأنا في تأويلِ متكلِّمٍ، وأنتَ في تأويلِ مخاطَبٍ، والذي قامَ في تأويلِ القائمِ، وقِسْ، فتكونُ الاستعارةُ فيها كالمشتقَّاتِ تابعةً لاستعارةِ المصادِرِ. وقد شَنَّعَ معاويةُ على جعْلِ الاستعارةِ في مثلِ ذلكَ تبعيَّةً، وأطالَ في البيانِ، فعليكَ بالتأمُّلِ والإمعانِ أَنْبَابِيٌّ، مثلاً في استعارةِ هيهاتَ لمعنى عَسُرَ إمَّا أنْ تقولَ شَبَّهَ العُسْرَ بالبُعدِ، واستُعيرَ البُعدُ للعسيرِ، واشْتَقَّ من البُعدِ بمعنى العُسْرِ، وجَعَلَ هيهاتَ بمعنى بَعُدَ المستعارِ لمعنى عَسُرَ، وإمَّا أن تقولَ شَبَّهَ مُطلَقَ العُسْرِ بمُطلَقِ البُعدِ في مَنْعِ التحصيلِ وعدَمِ النَّيْلِ مَثلاً، فَسَرَى التشبيهُ إلى فَردَيْهما؛ إمَّا اللذيْنِ في ضِمْنَيْ بَعُدَ وعَسُرَ، وإمَّا اللذيْنِ في ضِمْنَيْ هيهاتَ وعَسُرَ، واستُعِيرَ بِناءً على هذا التشبيهِ الحاصلِ بالسِّرايةِ إمَّا بَعُدَ لِعَسُرَ، وجَعَلَ هيهاتَ بمعنى بَعُدَ المستعارِ لمعنى عَسُرَ، وإمَّا هيهاتَ نفسُه من معنى بَعُدَ لمعنى عَسُرَ تَقليلاً للكُلفةِ. ومَثلاً في استعارةِ لفظِ هذا الأمرِ معقولٌ، تقولُ: شَبَّهَ مُطلَقَ المعقولِ بمُطلَقِ المحسوسِ في قَبولِ التمييزِ والتعيينِ، فسَرَى التشبيهُ إلى جزئيَّاتِه، فاستُعيرَ لفظُ هذا الموضوعِ لجُزْئَي المشبَّهِ به الذي سَرَى إليه التشبيهُ من كِلَيْهِ لجُزْئَيِ المشبَّهِ الذي قُصِدَ المبالَغةُ في بيانِ تعيينِه. ومَثلاً في استعارَ لفظَ أَنْتِ بكسْرِ التاءِ لخطَابِ المذكَّرِ تقولُ شَبَّهَ مُطلَقَ مخاطَبٍ فيه تَخَنُّثٌ بمطلَقِ مخاطَبَةٍ فيها تَخَنُّثٌ بجامعِ مطلَقِ التخنُّثِ وعدَمِ الشهامةِ في كلٍّ، فسَرَى التشبيهُ إلى جُزئيَّاتِهما، فاستُعيرَ لفظُ أنتِ بكسرِ التاءِ من المخاطَبِ المؤنَّثِ الجزئيِّ الذي سَرَى إليه الشبيهُ من كِلَيْهِ للمخاطَبِ المذكَّرِ الجزئيِّ الذي قُصِدَ المبالَغةُ في بيانِ تخنُّثِه وعدَمِ شهامتِه. وتقولُ في استعارةِ لفظِ أنتَ بفتحِ التاءِ لخِطابِ المؤنَّثِ شَبَّهَ مُطلَقَ مخاطَبةٍ فيها شهامةٌ وعدَمُ تَخَنُّثٍ بمطلَقِ مخاطَبٍ فيه ذلكَ بجامِعِ مطلَقِ الشهامةِ وعدَمِ التخنُّثِ في كلٍّ، فسَرَى التشبيهُ إلى جزئيَّاتِهما، فاستُعيرَ لفظُ أنتَ بفتحِ التاءِ من المخاطَبِ المذكَّرِ الجزئيِّ الذي سَرَى إليه التشبيهُ من كِلَيْهِ للمخاطَبةِ المؤنَّثةِ الجزئيَّةِ التي قُصِدَ المبالَغةُ في بيانِ شَهامتِها وعدَمِ تَخَنُّتِها، وعلى هذا قيامُ استعارةِ لفظِ الذي للأُنثى لشَبَهِها به في الشهامةِ وعدَمِ التخنُّثِ، واستعارةِ لفظِ التي للمذكَّرِ لشَبَهِه بها في التخَنُّثِ وعدَمِ الشهامةِ، والمرادُ الاسمُ المشتَقُّ ولو تأويلاً، فيَشملُ المصغَّرَ والمنسوبَ. ففي نحوِ استعارةِ رُجَيْلٍ للكبيرِ المُتعاطِي ما لا يَليقُ به، واستعارةِ قُرَشِيٍّ للمتخلِّقِ بأخلاقِ قريشٍ، إمَّا أنْ تقولَ: شَبَّهَ تَعاطِي ما لا يَليقُ والتخلُّقَ بأخلاقِ قريشٍ بالصغَرِ والانتسابِ إليهم، واستُعيرَ الصغَرُ والانتسابُ للتعاطي والتخلُّقِ، واشْتُقَّ الصغيرُ والمنتسِبُ إلى قريشٍ بمعنى المُتعاطِي ما لا يَليقُ والمتخلِّقِ بأخلاقِ قريشٍ من الصغَرِ والانتسابِ، بمعنى التعاطي والتخلُّقِ، وجُعِلَ رُجَيْلٌ وقُرَشِيٌّ بمعنى المتعاطِي والمتخلِّقِ، وإمَّا أنْ تقولَ: شَبَّهَ مُطلَقَ تَعاطي ما لا يَليقُ، ومُطلَقَ التخلُّقِ بأخلاقِ قريشٍ، بمطلَقِ الصِّغَرِ ومطلقِ الانتسابِ إليهم، فسَرَى التشبيهُ إلى فَرْدَي المشبَّهِ والمشبَّهِ به اللذيْنِ في ضِمْنَيْ مُتعاطِي ما لا يَليقُ ورُجَيْلٌ، وضِمْنَيْ متَخَلِّقٍ وقُرَشِيٍّ، واستُعيرَ بِناءً على التشبيهِ الحاصلِ بالسِّرايةِ لفظُ رُجيلٍ للمتعاطِي ما لا يَليقُ، ولفظُ قُرَشِيٍّ للمتخلِّقِ بأخلاقِ قُرَيْشٍ. قولُه: (فِعْلاً)، أقسامُ استعارتِه ثمانيةٌ: الأوَّلُ، استعارتُه باعتبارِ مادَّتِه فقطْ، أي: حروفِه الدالَّةِ على الحدَثِ، كما في استعمالِ قَتَلَ في معنى ضَرَبَ شديدًا، فيُقالُ: شَبَّهَ مُطلَقَ الضربِ الشديدِ بمطلَقِ القتْلِ، فسَرَى التشبيهُ منهما إلى الضربِ الشديدِ والقتلِ اللذيْنِ في ضِمْنَيْ ضَرَبَ وقَتَلَ، فصارَ هذا الضربُ الشديدُ الجزئيُّ الضِّمْنِيُّ بسببِ السرايةِ مشبَّهًا، والقتلُ الجزئيُّ الضِّمْنِيُّ مشبَّهًا به، واستُعيرَ بِناءً على هذا التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ لفظُ قَتَلَ لمعنى ضَرَبَ شديدًا. القِسمُ الثاني: استعارتُه باعتبارِ الهيئةِ فقطْ من حيثُ دَلالتِها على الزمانِ فقطْ، كما في استعارةِ الفعْلِ الماضي للمستقبَلِ في نحوِ قولِه تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، فيُعْتَبَرُ حينئذٍ إمَّا تشبيهُ مطلَقِ الزمانِ المستقبَلِ بمطلَقِ الزمانِ الماضي في مطلَقِ تحقُّقِ الوقوعِ في كلٍّ وسَرَيَانِه إلى الزمانييْنِ الجزئيَّيْنِ اللذيْنِ في ضِمْنِ فتَحْنَا ونَفتَحُ، فيُستعارُ بِناءً على هذا التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ لفظُ فتَحَ لمعنى نَفْتَحُ. وإمَّا تشبيهُ مُطلَقِ الفتْحِ في المستقبَلِ بمُطلَقِ الفتْحِ في الماضي، واستعارَ لفظَ الثاني للأوَّلِ، فيُشتَقُّ الفعلُ من المصدَرِ المستعارِ. وإمَّا تشبيهُ مُطلَقِ الفتْحِ في المستقبَلِ بمُطلَقِ الفتْحِ في الماضي، وسَرَيانُ التشبيهِ إلى ما في ضِمْنَيْ فَتَحْنَا و نَفتَحُ، فيُستعارُ بِناءً على هذا التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ لفظُ فتَحْنا لمعنى نَفتَحُ. القسمُ الثالثُ: استعارتُه باعتبارِ الهيئةِ من حيثُ دَلالتُها على النِّسبةِ، كما في استعمالِ هَزَمَ الأميرُ الجُندَ في معنى هَزَمَ الجيشُ الجندَ، على ما للعَضُدِ، ويَلزَمُه أن لا يقولَ بالمجازِ العقليِّ. نعمْ له أن يُسَمِّيَ هذا القسمَ من المجازِ اللغويِّ مجازًا عقليًّا؛ لأنَّ التجوُّزَ فيه باعتبارِ أمْرٍ معقولٍ يُدرَكُ بالعقْلِ، وهو الإسنادُ، فيُعتبَرُ حينئذٍ إمَّا تشبيهُ النِّسبةِ السببيَّةِ المُطلَقةِ بالنِّسبةِ الفاعليَّةِ المُطلَقةِ في شدَّةِ احتياجِ الفعلِ إليهما، أو في كمالِ الملابَسةِ وقوَّتِها، وسَريانِ التشبيهِ إلى النسبتيْنِ الجزئيَّتيْنِ اللتيْنِ في ضِمْنَيْ هَزَمَ المُسْنَدِ إلى الفاعلِ الحقيقيِّ، وهزَمَ المُسْنَدِ إلى السببِ، فيُستعارُ بناءً على هذا التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ هزَمَ من النِّسبةِ الفاعليَّةِ للنسبةِ السببيَّةِ، وإمَّا تشبيهُ الهزْمِ المنسوبِ إلى السببِ مُطلَقًا بالهزْمِ المنسوبِ إلى الفاعلِ مُطلَقًا، واستعارةُ لفظِ الثاني لمعنى الأَوَّلِ، فيُشتقُّ هَزَمَ في هزَمَ الأميرُ الجنْدَ من المصدَرِ المستعارِ. وإمَّا تشبيهُ الهزْمِ المنسوبِ إلى السببِ مُطلَقًا بالهزْمِ المنسوبِ إلى الفاعلِ مُطلَقًا، وسريانُ التشبيهِ إلى ما في ضِمْنَيْ هزَمَ المُسْنَدِ إلى السببِ وهزَمَ المُسْنَدِ إلى الفاعلِ، فيستعارُ بِناءً على هذا التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ هزَمَ من النِّسبةِ الفاعليَّةِ للنسبةِ السببيَّةِ، وما ذهَبَ إليه العضُدُ في نحوِ هزَمَ الأميرُ الجندَ هو أحَدُ أقوالٍ ستَّةٍ فيه. والثاني: ما سيأتي من مذْهَبِ الجمهورِ من أنَّ التجوُّزَ فيه في أمْرٍ معنويٍّ فقط، وهو إسنادُه لغيرِ مَن هو له لملابَسةٍ بينَهما. والثالثُ مذهَبُ ابنِ الحاجبِ: أنَّ التجوُّزَ فيه في أمْرٍ لفظيٍّ هو الفعلُ باعتبارِ الحدَثِ بأن يُجعَلَ الهزْمُ بمعنى الأمْرِ به. والرابعُ مذْهَبُ السكَّاكيِّ: أنَّ التجوُّزَ فيه في أمرٍ لفظيٍّ هو المُسْنَدُ إليه بجعْلِ الأميرِ مستعارًا للجيشِ الادِّعائيِّ بقرينةِ نِسبةِ الهزْمِ إليه على طريقِ المكنيَّةِ عندَه. والخامسُ مذهَبُ الشيخِ عبدِ القاهرِ: أنَّ التجوُّزَ فيه في الهيئةِ التركيبيَّةِ بأنْ تُشبَّهَ هيئةُ تدبيرِ الأميرِ في كسْرِ العدوِّ وأمرُه بتحصيلِ الآلاتِ بهيئةِ كسْرِ الجيشِ للعدوِّ وملاقاتِهم له، ويُستعارُ التركيبُ الدالُّ على الثاني للأوَّلِ بِناءً على أنَّ الأصلَ هزَمَ الجيشُ الجندَ؛ لأنَّ هذا هو اللفظُ الدالُّ على الهيئةِ المشبَّهِ بها، فحُذِفَ الجيشُ اتِّكالاً على ظهورِه، وذُكِرَ الأميرُ قرينةً للتجوُّزِ. وعلى هذه الأقوالِ فالتجوُّزُ فيه بمعنى جَعْلِ الشيءِ في غيرِ موضعِه بتأوُّلٍ. والسادسُ لبعضِهم، أنَّ التجوُّزَ فيه بمعنى خلافِ الأصلِ بحذفِ المضافِ، والأصلُ هزَمَ جيشُ الأميرِ، فاعرِفْ ذلكَ. القسْمُ الرابعُ: استعارتُه باعتبارِ مادَّتِه وهيئتِه من حيثُ الزمانُ فقطْ، كقَتْلِ زيدٍ عمْرًا بمعنى يضْرِبُه ضربًا شديدًا. القسمُ الخامسُ: استعارتُه باعتبارِ مادَّتِه وهيئتِه من حيثُ النِّسبةُ فقط، كقَتَلَ الأميرُ زيدًا بمعنى ضرَبَه خَدَمَتُهُ ضربًا شديدًا، ونُسِبَ للأميرِ لكونِه الآمِرَ. القِسمُ السادسُ: استعارتُه باعتبارِ المادَّةِ والهيئَةِ منْ حيثُ الزمانُ والنِّسْبةِ معًا، كقتلِ الأميرِ زيدًا بمعنى سيضربُه خَدَمَتُهُ ضربًا شديدًا. القسْمُ السابعُ: استعارتُه باعتبارِ الهيئةِ فقط من حيثُ الزمانُ والنِّسبةُ معًا، كقَتْلِ الأميرِ العدوَّ بمعنى سيقتلُه خَدَمَتُهُ. وإجراءُ الاستعارةِ في هذه الأقسامِ الأربعةِ ظاهرٌ من جرَيَانِها في الأقسامِ الثلاثةِ قبلَها بطريقِ المقايَسةِ. القسمُ الثامنُ: استعارتُه من الحدَثِ المتحقِّقِ في الماضي إلى الحدَثِ المفروضِ فيه ليُرَتِّبَ على المفروضِ ما يُرتِّبُ على المحقَّقِ، كما استخرَجَهُ الخفاجيُّ من تقريرِ صاحبِ الكشَّافِ لقولِ عُمَرَ رضِيَ اللَّهُ عنهُ لأبي مُوسى الأشعريِّ في كاتبِه النصرانيِّ: ماتَ النصرانيُّ والسلامُ، بقولِه يعني: هَبْ أنَّه قد ماتَ فما كنتَ صانعًا فاصنَعْهُ الساعةَ واستغْنِ عنهُ بغيرِه ا.هـ. وهو صريحٌ في أنَّ استعمالَ الألفاظِ في معانيها الفرضيَّةِ مجازيٌّ ولا يَظهَرُ إلاَّ على القولِ بأنَّ مدلولاتِ الألفاظِ الأمورُ الخارجيَّةُ فيُعتبرُ بَعْدَ تشبيهِ الحدثِ المفروضِ في الماضي بالحدَثِ المحقَّقِ فيه بجامعِ تَرَتُّبِ العزْلِ والاستغناءِ على كلٍّ إمَّا استعارَةُ لفظِ المصدرِ من المحقَّقِ للمفروضِ، ثمَّ يُشتقُّ ماتَ من المصدرِ المستعارِ، وإمَّا سَريانُ التشبيهِ لما في ضمْنَي الفعليْنِ، واستعارةُ ماتَ من الحدَثِ المحقَّقِ في الماضي للحدثِ المفروضِ فيه، وإمَّا على القولِ بأنَّ مدلولاتِ الألفاظِ الأمورُ الذهنيَّةُ، فلا يَظهرُ إلاَّ إذا جُعِلَ من قبيلِ استعمالِ الكلِّيِّ في فردِه من حيثُ خُصوصُه مجازًا مرسَلاً علاقتُه العامِّيَّةُ لا استعارةً، كالإنسانِ في زيدٍ من حيثُ تشخُّصُه لا من حيثُ كونُه فردًا، فافْهَم. وقالَ بعضُهم: الذي يُفيدُه قولُ صاحبِ الكشَّافِ المذكورُ: أنَّ قولَ عُمَرَ رضِيَ اللَّهُ عنهُ ماتَ خبرٌ استُعْمِلَ في إنشاءٍ، فيكونُ من المجازِ المركَّبِ لعَلاقةِ غيرِ المشابَهةِ كما سيأتي.
قولُه: (أو حرفًا)، اعلمْ أنَّ الحرفَ إن كانَ له معنًى واحدٌ فقط كلَمْ كان فيه حقيقةً، وفي غيرِه مجازًا تبعيًّا، وإن كان لمعانٍ متعدِّدةٍ مُتبادَرةٍ منه كان فيه من قبيلِ استعمالِ المشترَكِ فيما وُضِعَ له على التحقيقِ، وفي غيرِها مجازًا تبعيًّا، إن كان الحرفُ من غيرِ حروفِ الجرِّ والجزْمِ والنصبِ، وإلاَّ بأن كان منها، فالكوفيُّونَ على جوازِ نيابةِ بعضِها عن بعضٍ بلا شذوذٍ، وفي اتِّفاقِهم على أنَّها في غيْرِ المتبادَرِ منها حقيقةً، أو اختلافِهم في أنَّها في غيرِ المتبادَرِ حقيقةً أو مجازًا، قولاَ الأميرِ والصبَّانِ. ثالثُها قولُ الخُضَرِيِّ: إنَّها في غيرِ المتبادَرِ مجازٌ عندَهم وعندَ بعضِ المتأخِّرينَ. والبصريُّون على منْعِ نيابةِ بعضِها عن بعضٍ وحمْلِ ما وَرَدَ منهُ على التجوُّزِ في غيرِ الحرفِ، كجعْلِ الفعلِ في نحوِ: وقد أحسَنَ بي، مضمَّنًا معنى لَطَفَ، والجُذُوعِ في قولِه تعالى: {لأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ} استعارةً بالكنايةِ بتشبيهِها في النفسِ بالظرفِ الحقيقيِّ بجامعِ التمكُّنِ وفي تخييلٍ، أو على التجوُّزِ في الحرفِ شذوذًا. قولُه: (أو اسمًا مشتقًّا)، بما أنَّ الاسمَ المشتقَّ مُطلَقًا يَدلُّ على الحدَثِ بمادَّتِه، وعلى الذاتِ والنِّسبةِ بهيئتِه، تكونُ أقسامُ استعارتِه أيضًا سبعةً: الأوَّلُ، استعارتُه باعتبارِ مادَّتِه فقط، كما في استعارةِ لفظِ القاتلِ لمعنى الضاربِ ضربًا شديدًا، أو لفظِ المَرْقَدِ اسمِ مكانِ الرقودِ لمعنى المماتِ اسمِ مكانِ الموتِ، بأن يُعتبَرَ بَعْدَ تشبيهِ الموتِ بالرقودِ بجامِعِ تَعَطُّلِ القُوى البدنيَّةِ وانعزالِها عن أعمالِها الطبيعيَّةِ لكلٍّ إمَّا استعارةُ الرقودِ للموتِ واشتقاقُ المرقَدِ من الرقودِ المستعارِ للموتِ، وإمَّا سريانُ التشبيهِ لما في ضِمْنَي المَرْقَدِ والمماتِ، واستعارةُ الأوَّلِ للثاني بِناءً على التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ. القسمُ الثاني: استعارتُه باعتبارِ الهيئةِ فقط من حيثُ دَلالتُها على الذاتِ فقط، كما في استعارةِ المِرْقَدِ بكسرِ الميمِ اسمِ آلةٍ لمعنى المَرقدِ بفتحِها اسمِ مكانٍ قَصْدًا للمبالَغةِ في وصْفِ مكانِ الرقودِ بأنَّ له دخلاً عظيمًا في إرقادِ كلِّ مَن استقرَّ به بحيثُ كأنَّه يَتوسَّطُ بينَ الحدثِ الذي هو الرقودِ وفاعلِه الذي هو الراقدُ في اتِّصافِه به توسُّطَ الآلةِ بأن يُعتبَرَ تشبيهُ المكانِ مُطلَقًا بالآلةِ مُطلَقًا، وسريانُه إلى ما في ضِمْنَي المَرقَدِ بالفتْحِ والمِرقَدِ بالكسْرِ، واستعارةُ لفظِ الثاني لمعنى الأوَّلِ بِناءً على التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ، أو يُعتبَرُ بَعْدَ تشبيهِ الرقادِ المتعلِّقِ بالمكانِ لحصولِه فيه بالرُّقَادِ المتعلِّقِ بالآلةِ لتوَسُّطِها بينَه وبينَ فاعلِه، إمَّا استعارةُ لفظِ الرقادِ المتعلِّقِ بالآلةِ لمعْنَى الرُّقادِ المتعلِّقِ بالمكانِ، ويُشتقُّ من المستعارِ المِرْقَدِ بكسْرِ الميمِ. والحقُّ أنَّ الحدثَ المتعلِّقَ بالآلةِ الذي هو المشبَّهُ به مغايرٌ بالذاتِ للحدَثِ المتعلِّقِ بالمكانِ الذي هو المشبَّهُ، فتَمَّ القياسُ. وإمَّا سَريانُ التشبيهِ لما في ضِمْنَي المشتقَّيْنِ، أعني المَرقدَ بفتْحِ الميمِ والمِرقدَ بكسْرِها، واستعارةُ الثاني لمعنى الأوَّلِ بِناءً على التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ. القسمُ الثالثُ: استعارتُه باعتبارِ الهيئةِ فقط من حيثُ النِّسبةُ فقط، نحوُ: الأميرُ هازمٌ للجنْدِ؛ لأنَّ نِسبةَ اسمِ الفاعلِ هي نِسبةُ الحدَثِ المفهومِ منه لمَن قامَ به، وهو الذاتُ المفهومةُ منه أيضًا، وقد تَجوزُ فيه من تلكَ النِّسبةِ إلى النِّسبةِ للسببِ بأن اعتُبِرَ تشبيهُ النِّسبةِ السببيَّةِ المُطلَقةِ بالنِّسبةِ الفاعليَّةِ المُطلَقةِ في شدَّةِ احتياجِ الحدَثِ إليهما مثلاً، وسريانِه إلى ما في ضِمْنَي الوصفيْنِ، أعني هازِمٌ المُسْنَدُ إلى الفاعلِ الحقيقيِّ وهازمٌ المُسْنَدُ إلى السببِ، واستعارةُ هازمٍ من النِّسبةِ الفاعليَّةِ الجزئيَّةِ للنِّسبةِ السببيَّةِ الجزئيَّةِ، أو اعتُبِرَ بعدَ تشبيهِ الهزْمِ المنسوبِ إلى السببِ مُطلَقًا بالهزْمِ المنسوبِ إلى الفاعلِ مُطلَقًا، إمَّا استعارةُ لفظِ الثاني للأوَّلِ ويُشتَقُّ من المستعارِ الوصفُ، وإمَّا سريانُ التشبيهِ إلى الهزْمِ المنسوبِ إلى السببِ، والهزْمِ المنسوبِ إلى الفاعلِ الجزئيَّيْنِ اللذيْنِ في ضِمْنَيْ هازِمٌ المُسْنَدِ إلى السببِ وهازمٌ المُسْنَدِ إلى الفاعلِ، واستعارةُ هازمٌ من النِّسبةِ الفاعليَّةِ للنسبةِ السببيَّةِ بِناءً على التشبيهِ الحاصلِ بالسرايةِ، فافْهَمْ.
القسمُ الرابعُ: استعارتُه باعتبارِ المادَّةِ الدالَّةِ على الحدَثِ والهيئةِ من حيثُ دَلالتُها على خُصوصِ الذاتِ كاستعارةِ مِقتَل بكسرِ الميمِ لمعنى المَضرِبِ بفتحِها أي مكانِ الضربِ الشديدِ الذي كأنَّه آلةٌ في حُصولِه.
القِسمُ الخامسُ: استعارتُه باعتبارِ المادَّةِ الدالَّةِ على الحدَثِ والهيئةِ من حيثُ دَلالتُها على خصوصِ النِّسبةِ، كما في نحوِ: الأميرُ قاتلُ زيدٍ، بمعنى أنَّ خَدَمَتَهُ ضاربُوهُ ضربًا شديدًا.
القسمُ السادسُ: استعارتُه باعتبارِ المادَّةِ الدالَّةِ على الحدَثِ والهيئةِ من حيثُ دَلالتُها على الذاتِ والنِّسبةِ معًا، كاستعارةِ مِقْتَلِ بكسرِ الميمِ لمعنى الضاربِ ضربًا شديدًا، أيِ الآمرِ بالضربِ الشديدِ الذي كأنَّه آلةٌ في حصولِه.
القسمُ السابعُ: استعارتُه باعتبارِ الهيئةِ فقط من حيثُ دَلالتُها على الذاتِ والنِّسبةِ معًا كاستعارةِ مِقتلِ بكسرِ الميمِ لمعنى القاتِلِ، أي الآمرِ بالقتلِ الذي كأنَّه آلةٌ في حصولِ القتْلِ. هذا خُلاصةُ ما في رِسَالَتَي البَيَانيَّةِ الملخَّصَةِ من بيانيَّةِ الصبَّانِ وحاشيةِ الأَنْبَابِيِّ عليها، وإنْ أردْتَ زيادةَ تحقيقٍ فعليكَ بمراجعةِ حاشيةِ الأَنْبَابِيِّ معَ بيانيَّةِ الصبَّانِ، فافهَمْ.

(154) قولُه: (نحوُ: ركِبَ فلانٌ كَتِفَيْ غريمِه)، ويُقالُ في إجرائِها على مذهَبِ القومِ: شبَّهَ اللزومَ الشديدَ بالركوبِ بجامعِ السلطةِ والقهْرِ، واستُعِيرَ لفظُ المشبَّهِ به وهو الركوبُ للمُشبَّه وهو اللزومُ، ثمَّ اشتُقَّ من الركوبِ بمعنى اللزومِ رَكِبَ بمعنى لزِمَ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ، وأمَّا على مذهبِ العصامِ فيُقالُ: شبَّهَ اللزومَ بالركوبِ بجامعِ السلطةِ والقهْرِ، فسَرَى التشبيهُ من معنى المصدَرَيْنِ الذي هو الحدَثُ المُطلَقُ إلى معنى الفِعلَيْنِ الذي هو الحدَثُ المقيَّدُ بالزمَنِ الماضي، ثمَّ اسْتُعِيرَ بناءً على التشبيهِ الحاصلِ بطريقِ السِّرايةِ والتَّبَعِ رَكِبَ لمعنى لَزِمَ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ.

(155) قولُه: ({أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ})، بِناءً على أنَّ (على) هنا مُستعارةٌ من الاستعـلاءِ الحسِّيِّ للاستعلاءِ المعنويِّ، ويُقالُ في إجرائِها: شبَّهَ مُطلَقَ ارتباطٍ بينَ مهدِيٍّ وهُدًى بمُطلَقِ ارتباطٍ بينَ مستَعْلٍ ومستعلًى عليه بجامِعِ التمكُّنِ في كلٍّ، فسَرَى التشبيهُ منُ الكلِّيَّيْنِ للجزئيَّاتِ، ثمَّ اسْتُعِيرَ على مِن جُزْئِيٍّ من جزئيَّاتِ المُشبَّهِ به لجُزْئِيٍّ من جزئيَّاتِ المُشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ. وفيه أنَّ على هنا حقيقةٌ لا مجازٌ، لِمَا نَقَلَهُ العلاَّمَةُ الخُضَريُّ عن المحقِّقِ الدَّمامينيِّ من أنَّ (على) للاستعلاءِ، وهو حقيقيٌّ إن كانَ العلوُّ على نفسِ المجرورِ حسًّا نحوُ: زيدٌ على السطْحِ، أو معنى: {كَفَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}، ومجازيٌّ إن كان العلوُّ على ما يَقرُبُ من المجرورِ، نحوُ: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى}، أي: هاديًا. ا.هـ.
ولا شكَّ أنَّ على هنا للعلوِّ على نفسِ المجرورِ معنًى، فالمناسبُ التمثيلُ بنحوِ {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى}، وإجراءُ الاستعارةِ فيه أن يُقالَ: شبَّهَ مُطلَقَ ارتباطٍ بينَ مستعْلٍ وما يَقْرُبُ من المستَعْلَى عليه بمُطلَقِ ارتباطٍ بينَ المستعلِي ونفسِ المستعلَى عليه بجامعِ مُطلَقِ التمكُّنِ في كلٍّ، فسَرَى التشبيهُ من الكلِّيَّيْنِ إلى الجزئيَّاتِ، ثمَّ استعيرَتْ (على) مِن جُزْئِيٍّ من جزئيَّاتِ المُشبَّهِ به لجُزْئِيٍّ من جُزْئيَّاتِ المُشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّ ). وتَنقسمُ الاستعارةُ(1) إلى(2) أصليَّةٍ, وهي ما كان فيها(3) المستعارُ اسماً(4) غيرَ مُشتَقٍّ(5) كاستعارةِ الظلامِ للضلالِ والنورِ للهُدى(6).

وإلى تَبعيَّةٍ وهي ما كان فيها(1) المستعارُ فعْلاً(2) أو حرفاً(3) أو اسماً مشتَقًّا(4)،
نحوُ: رَكِبَ فلانٌ كَتِفَيْ غَريمِه. أي لازَمَه مُلازَمةً شديدةً(1)، و(2) قولِه تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} أى تَمَكَّنُوا من الحصولِ على الهدايةِ التامَّةِ(3)،
و(1) نحوُ قولِه(2):
ولئن نطَقْتُ بشكْرِ بِرِّكَ(3) مُفصِحاً(4) = فلسانُ حالي بالشِّكايةِ(5) أَنطَقُ(6) أي أدَلُّ(7)
________________________
(1) (وتَنقسِمُ الاستعارةُ) باعتبارِ اللفظِ المستعارِ سواءٌ كانت تصريحيَّةً أو مَكْنيَّةً.
(2) (إلى) قسمين إلى:
(3) (أصليَّةٍ, وهي ما كان فيها) اللفظُ.
(4) (المستعارُ اسْماً) جامداً.
(5) (غيرَ مشتَقٍّ) بأن كان صادقاً على كثيرين من غيرِ اعتبارِ وصْفٍ من أوصافِه, سواءٌ كان اسمَ عينٍ أو اسمَ معنًى فالأوَّلُ نحوُ الأسدِ من قولِك رأيتُ أسداً في الحمَّامِ أي: رجلاً شجاعاً فشَبَّهَ الرجلَ الشجاعَ بالحيوانِ المفترِسِ بجامِعِ الْجَراءةِ في كلٍّ, ثم استُعيرَ اسمُ المُشبَّهِ به للمشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ الأصليَّةِ؛ لأن الأسدَ اسمٌ جامدٌ لعينٍ, وهو حقيقةُ الحيوانِ المعلومِ و.
(6) (كاستعارةِ الظلامِ للضلالِ والنورِ للهُدَى) في قولِه تعالى: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} وقد تَقدَّمَ تقريرُ الاستعارةِ فيه والثاني نحوُ القتْلِ من قولِك هذا قتْلٌ أي: ضرْبٌ شديدٌ فشَبَّهَ الضرْبَ الشديدَ بالقتْلِ بجامِعِ نهايةِ الإذايةِ في كلٍّ ثم استُعيرَ اسمُ المُشبَّهِ به للمشَبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ الأصليَّةِ؛ لأن القتْلَ اسمٌ جامدٌ لفعْلٍ هو سببُ خروجِ الحياةِ. وسواءٌ كان في الاستعارةِ التصريحيَّةِ كالأمثلةِ المذكورةِ أو في الاستعارةِ المَكْنيَّةِ نحوُ: أظفارُ المنيَّةِ نَشَبَتْ بفلانٍ فشُبِّهَت المنيَّةُ بالسَّبُعِ بجامِعِ الاغتيالِ في كلٍّ؛ ثم استعيرَ اسمُ السَّبُعِ للمنيَّةِ وحُذِفَ ورُمِزَ إليه بشيءٍ من لوازمِه وهو الأظفارُ على طريقِ الاستعارةِ المَكْنيَّةِ الأصليَّةِ؛ لأن اللفظَ المستعارَ فيه وهو السَّبُعُ اسمٌ جامدٌ غيرُ مشتَقٍّ لِعَيْنٍ, وإنما سُمِّيَتْ أصليَّةً – نسبةً للأصلِ بمعنى الكثيرِ الغالبِ – لكثرةِ أفرادِها في الكلامِ بخلافِ أفرادِ التبعيَّة ويَدُلُّ على ذلك أن كلَّ استعارةٍ تَبعيَّةٍ, معها أصليَّةٌ, ولا عَكْسَ, أو بمعنى ما كان مُسْتَقِلاّ لِجَرَيانِها واعتبارِها أوَّلاً من غيرِ توقُّفٍ على تقَدُّمِ استعارةٍ أخرى أو بمعنى ما يَنْبَنِي عليه غيرُه لكونِها أصلاً لتبعيَّةٍ مبنِيَّةٍ على استعارةٍ أخرى.
(1) (وإلى تَبعيَّةٍ وهي ما كان فيها) اللفظُ
(2) (المستعارُ فعْلاً) سواءٌ كان له مصدرٌ أو لا, كيَذَرُ ويَدَعُ ونِعْمَ وبِئْسَ, وسواءٌ كان مُجَرَّداً عن الحرفِ المصدريِّ أو مقترِناً به نحوُ: يُعْجِبُني أن تَقتُلَ كذلك؛ لأن الاستعارةَ للَّفْظِ المصرَّحِ به, وقالَ العِصامُ: في الفارسيَّةِ الْمُقْتَرِنُ بالحرفِ المصدريِّ استعارتُه أصليَّةٌ نَظَراً للتأويلِ بمصْدَرٍ.
(3) (أو حرْفاً) سواءٌ كان له معنًى واحدٌ فقط كَلَمْ فيكونُ فيه حقيقةً وفي غيرِه مَجازاً تبعيًّا أو كان له معانٍ متعدِّدةٌ متبادَرةٌ منه فيكونُ من قبيلِ المشترَكِ اللفظيِّ فيما وُضِعَ له على التحقيقِ وفي غيرِها مَجازاً تَبَعيًّا إن كان الحرفُ من غيرِ حروفِ الجرِّ والجزمِ والنصبِ، وإلا بأن كان منها فالبصريُّون على منْعِ نيابةِ بعضِها عن بعضٍ, ويُحْمَلُ ما وَردَ منه على التجوُّزِ في غيرِ الحرْفِ.
(4) (أو اسْماً مشتَقًّا) من الأسماءِ المشتَقَّاتِ من المصدَرِ, وهي اسما الفاعلِ والمفعولِ والصفةُ المُشبَّهةُ واسمُ التفضيلِ وأسماءُ الزمانِ والمكانِ والآلةِ والتصغيرِ والاسمُ المنسوبُ, فهذه ثلاثةُ مواضعَ تَجرِي التصريحيَّةُ في جميعِها, ولا تَجري المَكْنيَّةُ إلا في الاسمِ المشتَقِّ فقط، أما وجهُ كَوْنِ الاستعارةِ تَبعيَّةً في الفعلِ فلأن معناه مُلاحَظٌ فيه النسبةُ إلى فاعلٍ ما، وهذا المعنى متوقِّفٌ على غيرِه لا يصلُحُ للموصوفيَّةِ فلا يَصلُحُ للاستعارةِ إلا إذا أُجْرِيَ التشبيهُ أوَّلاً بينَ معنى المصدَرَيْن الحقيقيِّ والمَجازيِّ، ثم يُستعارُ لفظُ المُشبَّهِ به للمشبَّهِ, ثم يُشتَقُّ منه الفعلُ كما هو مذهبُ السلفِ أو بعدَ إجراءِ تشبيهِ المصْدَرَيْن يَسْرِي منه إلى ما في ضِمْنَي الفعلين, ثم يُستعارُ الفعلُ من معناه الحقيقيِّ إلى معناه المَجازيِّ وهذا هو مذهبُ العِصامِ.
(1) (نحوُ: ركِبَ فلانٌ كَتِفي غَريمِه. أي: لازَمَه ملازَمةً شديدةً) ويُقالُ في إجراءِ الاستعارةِ فيه على مذهبِ السلفِ: شَبَّهَ اللُّزومَ الشديدَ بالركوبِ بجامِعِ السُّلْطةِ والقهرِ والغَلَبةِ في كلٍّ, واستُعيرِ لفظُ المُشبَّهِ به, وهو الركوبُ, للمشبَّهِ, وهو اللزومُ, ثم اشْتُقَّ من الركوبِ بمعنى اللزومِ, رَكِبَ بمعنى لَزِمَ, على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ، ويقالُ على مذهبِ العِصامِ: شبَّهَ اللزومَ بالركوبِ بجامعِ السلطةِ والقهْرِ والغَلَبَةِ في كلٍّ, فسَرَى التشبيهُ من معنى المصدَرَيْنِ الذي هو الْحَدَثُ المطلَقُ إلى معنى الفعلين الذي هو الحَدَثُ المقَيَّدُ بالزَّمَنِ الماضي, ثم استُعيرَ رَكِبَ لمعنى لَزِمَ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ.
(2) (و) أما وجهُ كونِها تبعيَّةً في الحرفِ فلأن معناه غيرُ مستقِلٍّ بنفسِه فلا يَصلُحُ للموصوفيَّةِ التي يَقتضيها التشبيهُ أعني لا يَتأتَّى كونُه مشبَّهاً ومشبَّهاً به أو محكوماً عليه ومحكوماً به فلا تَتأتَّى الاستعارةُ فيه إلا إذا أَجْرَى التشبيهَ أوَّلاً في متعلِّقِ معناه الكُلِّيِّ كالظرفيَّةِ لِفِي, ثم يَسْرِي التشبيهُ من متعلِّقِه إلى معناه الخاصِّ فيُستعارُ من معناه الخاصِّ الحقيقيِّ إلى معناه المَجازيِّ نحوُ.
(3) (قولِه تعالى: أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ. أي: تَمَكَّنُوا من الحصولِ على الهدايةِ التامَّةِ) يُقالُ في إجراءِ الاستعارةِ فيه: شَبَّهَ مُطلَقَ ارتباطٍ بينَ مَهْديٍّ وهدًى بمطلَقِ ارتباطٍ بينَ مُسْتَعْلِي ومُسْتَعْلًى عليه بجامِعِ التمكُّنِ في كلٍّ, فسَرَى التشبيهُ من الكلِّيَّيْن إلى الجزئيَّاتِ, ثم استُعِيرَتْ على من جُزْئِيٍّ من جُزئيَّاتِ المُشبَّهِ به لِجُزْئِيٍّ من جزئِيَّاتِ المُشبَّهِ على طريقِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبعيَّةِ.
(1) (و) أما وجْهُ كونِها تبعيَّةً في الاسمِ المشتَقِّ فلأن معناه وهو الحدَثُ ملاحَظٌ فيه النسبةُ إلى الفاعلِ أو نائبِه فلا يكونُ باعتبارِ ذلك صالحاً لموصوفيَّةٍ فلا يَصلُحُ للاستعارةِ إلا إذا أُجْرِيَ التشبيهُ أوَّلاً بينَ معنى المصدَرَيْنِ, نظيرَ ما تَقدَّمَ في الفعْلِ وذلك في التصريحيَّةِ.
(2) (نحوُ قولِه) أي: الشاعرِ:
(3) ( ولئِنْ نطَقْتُ بشكْرِ بِرِّكَ) أي: بشكْرِ إحسانِك وعطفِك, متعلِّقٌ بقولِه.
(4) (مُفْصِحاً) منصوبٌ على الحاليَّةِ، أي: ولئن نطقْتُ بلسانِ المقالِ حالَ كوني مُفْصِحاً بشكْرِ بِرِّكَ، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ أي: فلا يكونُ لسانُ مقالي أقوى من لسانِ حالي أُقيمَ مُقامَه لازِمُه، وهو قولُه:
(5) (فلسانُ حالي بالشكايةِ) مُتعلِّقٌ بقولِه:
(6) (أَنْطَقُ) أي: فلسانُ حالي أنطَقُ بالشِّكايةِ منكَ؛ لأن ضُرَّكَ أكثرُ من بِرِّكَ.
(7) (أي أدَلُّ) يُقالُ في تقريرِ الاستعارةِ فيه: شُبِّهَت الدَّلالةُ الواضحةُ بالنطقِ بجامعِ إيضاحِ المعنى وإيصالِه للذهْنِ في كلٍّ واسْتُعِيرَ النطْقُ للدَّلالةِ الواضحةِ, واشْتُقَّ من النطقِ بمعنى الدَّلالةِ الواضحةِ اسمُ التفضيلِ ((أَنْطَقُ)) بمعنى ((أدَلُّ)) على سبيلِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ التبَعيَّةِ. وأما مثالُ المَكْنيَّةِ التبَعيَّةِ في المشتَقِّ. فقولُك: يُعْجِبُني إراقةُ الضاربِ دمَ الباغِي. ويُقالُ في إجراءِ الاستعارةِ فيه: شَبَّهَ الضرْبَ الشديدَ بالقتلِ بجامعِ شدَّةِ الإيذاءِ في كلٍّ, واسْتُعِيرَ القتلُ للضرْبِ الشديدِ, واشتُقَّ من القتلِ بمعنى الضرْبِ الشديدِ قاتَلَ بمعنى ضَارَبَ ضرْباً شديداً, ثم حُذِفَ ورُمِزَ له بشيءٍ من لوازمِه, وهو الإراقةُ على سبيلِ الاستعارةِ المَكْنيَّةِ التبَعيَّةِ هذا وبَقِيَ من مواضعِ التبعيَّةِ موضعان: أحدُهما اسمُ الفعْلِ ولا يكونُ إلا في التصريحيَّةِ, لا فرْقَ بينَ أن يكونَ اسمَ فعْلٍ مشتَقٍّ أو غيرِ مشتَقٍّ فالأوَّلُ نحوُ: نَزَالِ بمعنى انْزِلْ تريدُ به ابْعُدْ, فتقولُ في إجراءِ الاستعارةِ: شَبَّهَ معنى البُعْدِ بمعنى النزولِ بجامعِ مطلَقِ المفارَقةِ في كلٍّ, واستُعيرَ لفظُ النزولِ لمعنى البُعدِ, واشتُقَّ منه نَزَالِ بمعنى ابْعُدْ. والثاني: نحوُ: صَهْ بمعنى اسْكُتْ عن الكلامِ تريدُ به اتْرُكْ فعْلَ كذا فتقولُ في إجراءِ الاستعارةِ شَبَّهَ ترْكَ الفعْلِ بمعنى السكوتِ عن الكلامِ بجامعِ مطلَقِ التَّرْكِ في كلٍّ, واستُعيرَ لفظُ السكوتِ لمعنى تَرْكِ, الفعْلِ واشتُقَّ منه اسْكُتْ بمعنى اتْرُك الفعلَ، وعَبَّرَ بدَلَ اسكُتْ بصَهْ. والموضِعُ الثاني الاسمُ المبهَمُ أعني الضميرُ واسمُ الإشارةِ واسمُ الموصولِ, ويكونُ في التصريحيَّةِ والمَكْنيَّةِ، فمثالُ الأُولى: استعارةُ هذا لأمرٍ معقولٍ، فتقولُ في إجرائِها: شَبَّهَ مطلَقَ المعقولِ بمطلَقِ المحسوسِ بجامِعِ قَبولِ التمييزِ والتعيينِ في كلٍّ فسَرَى التشبيهُ إلى جزئيَّاتِه فاستُعِيرَ لفظُ هذا الموضوعِ لِجُزْئَي المُشبَّهِ به لِجُزْئَي المُشبَّهِ على سبيلِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ. ومثالُ الثانيةِ قولُك لِجَلِيسِك المشغولِ عنك: أنتَ مطلوبٌ منك أن تسيرَ إلينا الآنَ فتقولُ في إجراءِ الاستعارةِ فيه: شَبَّهَ مطلَقَ مخاطَبٍ بمطلَقِ غائبٍ, فسَرَى التشبيهُ للجزئيَّاتِ, واستُعيرَ اللفظُ الدالُّ على الثاني, وهو ضميرُ الغائبِ للمخاطَبِ, ثم حُذِفَ وذُكِرَ المخاطَبُ ورُمِزَ إلى المحذوفِ بذكْرِ لازِمِه, وهو طلبُ السيرِ منه إليك. فتَحَصَّلَ مما تَقدَّمَ أن هذه الاستعارةَ سُمِّيَتْ تَبَعيِّةً؛ لأن جريانَها في الأفعالِ والأسماءِ المشتَقَّاتِ وأسماءِ الأفعالِ تابعٌ لجريانِها أوَّلاً في الجوامدِ, أي: لاستعارةٍ أخرى في المصادرِ, ولأن جريانَها في الحروفِ والأسماءِ المبهمَةِ تابعٌ لجريانِها في كلِّيَّاتِ معانيها أي: لاستعارةٍ أخرى في متعلِّقِ معانيها.
وتَنقَسِمُ الاستعارةُ إلى:

أصْلِيَّةٍ، وهيَ ما كانَ فيها اللفظُ المستعارُ اسمًا غيرَ مُشْتَقٍّ، سواءٌ كانَ اسمَ جنسٍ كاستعارةِ الظلامِ للضَّلالِ، والنورِ للَّهُدَى، أوْ عَلَمًا مَشْهُورًا بنوعِ وَصْفِيَّةٍ، كاستعارةِ لفظِ حاتمٍ لرجلٍ كريمٍ في قولِكَ: ( رأيتُ اليومَ حاتمًا ) .
وإنَّما سُمِّيَتْ هذه الاستعارةُ أَصْلِيَّةً؛ لكونِها بالأَصالةِ منْ غيرِ ابْتِنَائِها على استعارةٍ أُخرى، بخلافِ التَبَعِيَّةِ التي بَيَّنَها بقولِه: ( وَإِلَى تَبَعِيَّةٍ، وهيَ ما كانَ فيها الْمُستعارُ فِعْلًا أوْ حَرْفًا أو اسْمًا مُشْتَقًّا )؛ فإنَّها تَتَوَقَّفُ وتُبْتَنَى على استعارةٍ أُخْرَى، فإنَّ استعارةَ فعْلٍ لفِعْلٍ آخَرَ، واستعارةَ اسمٍ مُشْتَقٍّ لِمُشْتَقٍّ آخَرَ، إنَّما هما باعتبارِ استعارةِ مَصْدَرِ الأَوَّلَيْنِ لِمَصْدَرِ الأَخِيرَيْنِ، واستعارةَ حرفٍ لحرفٍ آخَرَ إنَّما هيَ باعتبارِ استعارةِ مُتَعَلِّقِ معنى الحرْفِ الأَوَّلِ لِمُتَعَلِّقِ معنى الحرْفِ الآخِرِ، ففي قولِه نحوَ: ( فلانٌ رَكِبَ كَتِفَيْ غَرِيمِه )، أيْ: لازَمَه مُلَازَمَةً شديدةً، يُقَدَّرُ التشبيهُ أوَّلًا بينَ مَصْدَرَيْ هذينِ الفِعْلَيْنِ بأنْ يُجْعَلَ مَصْدَرُ الثاني، أي الْمُلازمَةُ، مُشَبَّهًا،ويُجْعَلُ مَصْدَرُ الأوَّلِ، أي الركوبُ، مُشَبَّهًا بهِ بجامِعِ القَهْرِ والتَّمَكُّنِ، ثمَّ يُستعارُ للملازَمَةِ لفظُ الركوبِ، ثمَّ يُشْتَقُّ من الركوبِ الْمُسْتَعَارِ فِعْلُ رَكِبَ، فتكونُ الاستعارةُ في المصدرِ أصْلِيَّةً؛ لأصالتِها وأَوَّلِيَّتِها، وفي الفِعْلِ تَبَعِيَّةً؛ لفَرْعِيَّتِها وتَأَخُّرِها، وهذا هوَ الحاصِلُ لِمَا في الحاشيةِ منْ قولِه: ( ويُقالُ في إِجْرَائِها .... إلخ ) .

وفي قولِه تعالى: { أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ }، أيْ: تَمَكَّنُوا من الحصولِ على الهدايةِ التامَّةِ، يُقَدَّرُ التشبيهُ أوَّلًا بينَ التَّعَلُّقِ الذي للمَهْدِيِّ بالْهُدَى،وبينَ مُطْلَقِ الاستعلاءِ الذي هوَ مُتَعَلِّقُ معنى كلمةِ على؛ لأنَّ المرادَ بِمُتَعَلِّقاتِ معاني الحروفِ على ما قالُوا هوَ ما يُعَبَّرُ عنها عندَ تفسيرِ معانيها، مثلَ قولِنا: مِنْ معناها ابتداءُ الغايةِ،وفي معناها الظَّرْفِيَّةُ، فيُجْعَلُ ذلكَ التَّعَلُّقُ الذي بينَ الْمَهْدِيِّ والْهُدَى مُشَبَّهًا،والاستعلاءُ الذي هوَ مُتَعَلِّقُ معنى كلمةِ على مُشَبَّهًا به،ووجهُ الشبَهِ بينَهما ما لَابَسَ كُلًّا منهما من التَّمَكُّنِ والتَّسَلُّطِ .

ويَتْبَعُ هذا التشبيهَ التشبيهُ بينَ الْجُزْئِيَّيْنِ منهما، ثمَّ يُستعارُ كلمةُ على الموضوعةُ للجُزْئِيِّ المخصوصِ من الاستعلاءِ للتَّعَلُّقِ الخاصِّ الْجُزْئِيِّ منْ مُطْلَقِ التَّعَلُّقِ بينَ الْمَهْدِيِّ والْهُدَى، فيكونُ الاستعارةُ في الاستعلاءِ الكُلِّيِّ الذي هوَ متَعَلِّقُ معنى على أصلِيَّةً، وفي الاستعلاءِ الجزئيِّ الذي هوَ معنى على تَبَعِيَّةً .

وهذا هوَ التفصيلُ لِمَا في الحاشيةِ منْ قولِه: ( ويقالُ في إجرائِها شَبَّهَ مُطْلَقَ ارتباطِ ..........) إلخ .
وفي نحوَ قولِه: ( ولَئِنْ نَطَقْتُ بشُكْرِ بِرِّكَ )، أيْ: بشُكْرِ إحسانِكوَعَطْفِكَ حالَ كَوْنِي (مُفْصِحًا)، (فلسانُ حالي بالشِّكايَةِ أنْطَقُ )، أيْ: أَدَلُّ، يُقَدَّرُ التشبيهُ أوَّلًا للدَّلالةِ بالنطْقِ بأنْ يُجْعَلَ دَلالةُ حالِ إنسانٍ على شيءٍ مُشَبَّهًا، ونُطْقُ الناطقِ مُشَبَّهًا به،ووجهُ الشبَهِ بينَهما اتِّضاحَ المدلولِ،والمعنى للذِّهْنِ بكلٍّ منهما، ثمَّ يُعتبرُ استعارةُ لفظِ النُّطقِ للدَّلالةِ، ثمَّ يُشْتَقُّ من النطْقِ الْمُستعارِ الصفةُ الْمُشتَّقَةُ، أيْ: أَنْطَقُ، فتكونُ الاستعارةُ في المصدَرِ أصليَّةً، وفي الصفةِ الْمُشْتَقَّةِ تبعيَّةً .

وفي نحوَ: ( أَذَقْتُهُ لِباسَ الموتِ )، أيْ أَلْبَسْتُهُ إيَّاهُ، يُعْتَبَرُ التشبيهُ أوَّلًا بينَ مَصدرِ الفعْلِ الأوَّلِ، وهوَ الإذاقةُ،وبينَ مصدَرِ الفعْلِ الثاني، أي الإلباسِ، بأنْ يُجعَلَ الإذاقةُ مُشَبَّهًا بالإلباسِ، ثمَّ يُستعارَ لفظُ المُشَبَّهِ بهِ، أي الإلباسُ، للمُشَبَّهِ، أي الإذاقةِ، ثمَّ يُحْذَفُ لفظُ المُشَبَّهِ بهويُرْمَزُ إليه بلازِمِه الذي هوَ اللِّباسُ على طريقِ الاستعارةِ الْمَكْنِيَّةِ، ثمَّ يُشْتَقُّ من الإلباسِ الْمُستعارِ منهُ أَلْبَسْتَ بمعنى أَذَقْتَ، فتكونُ الاستعارةُ في الْمَصْدَرِ استعارةً مَكْنِيَّةً أَصْلِيَّةً،وفي الفعْلِ استعارةً مَكْنِيَّةً تَبَعِيَّةً،وهذا هوَ الحاصلُ لِمَا قالَ في الحاشيةِ: (ويقالُ في إجرائِها شُبِّهَتِ الإذاقةُ ...... إلخ )، فهذا أيضًا مثالٌ لكونِ الاستعارةِ في الفعْلِ تبعيَّةً كما أنَّ الْمِثالَ الأوَّلَ، أيْ قولَه: ( نحوَ: رَكِبَ فُلانٌ كَتِفَيْ غَرِيمِه )، مثالٌ لهُ، إلَّا أنَّ الاستعارةَ التَّبَعيَّةَ هناكَ تصريحيَّةٌ،وههنا مَكْنِيَّةٌ

وتنقسم الاستعارة كذلك إلى أصلية؛ وهي: ما كان فيها المستعار اسماً غير مشتق, وإلى استعارة تبعية؛ وهي: ما كان المستعار فيها اسماً مشتقاً, أو فعلاً, أو حرفاً أو نحو ذلك.

فالاستعارة الأصلية هي ما كان فيها المستعار اسماً غير مشتق, كاستعارة الظلام للضلال, وكاستعارة النور للهدى: {لتخرج الناس من الظلمات إلى النور}. فهذا النوع يسمى أيضاً استعارة أصلية؛ لأنه مجرد أخذ اسم عرفت تسمية شيء به ونقله إلى شيء آخر, كإطلاق السيارة على المركوب المعروف اليوم, وهو استعارة, تشبيهاً لها في الأصل بالقافلة التي يسير فيها الناس, وتحمل أزوادهم, وتجارتهم, وبضائعهم, فنقلتَ لفظ السيارة الذي يطلق على القافلة إلى هذا المركوب الجديد, فهو مجرد نقل، فهذا يسمى استعارة أصلية .
أما الاستعارة التبعية فقال: وإلى تبعية، وهي ما كان المستعار فعلاً أو حرفاً أو اسماً مشتقاً، نحو:"ركب فلان كتفي عزيمة" أقصد " ركب فلان كتفي غريمه" . المقصود هنا لزمه وأحرجه, فشبهتَ ملازمته له بركوبه لكتفيه, وكذلك ‘‘ركب فلان عزيمته‘‘. فجعلتَ العزيمة كأنها أمر يركب, كما قال أبو الطيب المتنبي:

أكل ما رمت جيشا فانثنى هرباً = ترحلت بك في آثاره الهمم
عليك هزمهم في كل معترك = وما عليك بهم عار إذا انهزموا


فالمقصود لازمه ملازمة شديدة، ومن ذلك قول الله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم}فالاستعارة هنا أين هي؟! في على، فعلى حرف معناه: الاستعلاء، فلما لزم الهدى استعير لهم، كأنهم ركبوه، كأنهم ركبوا الهدى، كأن الهدى طريق، وكأنهم يسيرون عليه, فاستعيرت ((على))،فلم نقل: أولئك في هدى من ربهم. قلنا: أولئك على هدى من ربهم, فالمستعار هنا حرف, وهو ((على)), أصلها للاستعلاء, واستعيرت هنا لمعنى في, ليدل ذلك على الاستعارة, على تشبيههم بمن يسير على طريق, أي: تمكنوا من الحصول على الهداية التامة, ومثل ذلك قول الشاعر:

ولئن نطقتُ بشكر برك مفصحاً = فلسان حالي بالشكاية أنطَق


أي: أدل عليها، فأنطق هنا استعارة؛ لأن لسان الحال لا ينطق, لسان الحال لا ينطق, إنما ينطق لسان المقال, لكنه استعار له النطق, بمعنى: الدلالة, أنه يدل على الشكاية.





ةِ التبعيَّةِ.



فالاستعارة بهذا تنتقل بالنص من الجمود اللفظي المحدد إلى السيرورة في التعبير، والمثلية الذائعة في الاستعمال.
وقد ثبت دون ريب _من خلال نماذج البحث _ أن استعارات القرآن الكريم لألفاظه وكلماته، ركن من أركان البلاغة العربية المتطورة، تصقل الشكل، وتضيء الهيكل العام، ولا تستعمل فيه بوصفها استعارة فحسب، بل لأنها أسلوب مشرق من أساليب الصور الفنية التي تجمع إلى جنب العمق في نقل اللفظ وإضافة المعنى _ الحس والحياة في النص الأدبي.
------------------------------------
المصدر :عن اصول البيان العربي في ضوء القرآن الكريم

http://www.annabaa.org/nbanews/65/230.htm

http://difaf.net/main/?p=416


http://img210.imageshack.us/img210/5959/48dy2.gif
موقـــــــــــــع أسلامى متنوع

http://www0.7olm.org/html-h7.htm

أكبر مشروع إلكتروني للقرآن الكريم

http://www.mosshaf.com/web/





للاستماع المباشر بدون تحميل لمرتل الشيخ محمد صديق المنشاوى

http://www.archive.org/details/Morat...Alminshawy.com (http://www.archive.org/details/Moratal.M.Sedeek.Original.From.Alminshawy.com)

موقع لتفسير ألقران الكريم بكل لغات العالم

http://publications-img.qurancomplex.gov.sa/

موقع لعلوم ألقران

http://www.qurankareem.info/


موقع متميز لسماع القران

http://www.mhct.net/



http://img210.imageshack.us/img210/5959/48dy2.gif











(( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ))
أسأل الله العلي العظيم
أن يجعل القرآن الكريم العظيم ربيع قلوبنا
وأن يجعلنا من أهله الذين هم أهل الله وخاصته
وان يرزقنا وإياكم حفظه وتعلمه وتعليمه على الوجه الذي يرضيه عنا


http://img210.imageshack.us/img210/5959/48dy2.gif



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) .
رواه البخاري و مسلم .









المدرسة العربية الإلكترونية الخدمة الدراسية المجانية لجميع الراغبين في الدراسة عن بعد ، وللطلبة في كافة مراحل الدراسة في الوطن العربي ودول المهجر ، ابتداء من المرحلة الأساسية وانتهاء بالمرحلة الثانوية العليا.

أبو يوسف
11-08-2010, 05:27 PM
جزاك الله خيرا اخي الكريم سيد احمد وبارك الله فيك فلقد شرحت وأسهبت

الإستعارة من علوم المتأخرين فلذلك أنجبت وتوأمت وافرخت حتى أصبحت أنواعها أكثر من أن تعد أو تحصى وأصبحت علما جافا لا حياة فيه


لقد كان العربي ولا يزال يفهم الإستعارة والمجاز والحقيقة بدون تشعبات ولكن بعد دخول الأعاجم أجبر العرب على خلق مثل هذه العلوم

سيد احمد
11-08-2010, 06:11 PM
ولئن نَطَقْتُ بشكْرِ بِرِّكَ مُفْصِحًا = فلسانُ حالي بالشِّكايةِ أَنْطَقُ

ارتقاء
11-08-2010, 07:46 PM
[QUOTE=سيد احمد;84650][CENTER][B][SIZE=4][B]



- مفهــوم الاستعـارة:

أ) لــغــة:
الاستعارة التصريحية والمكنية


1_ الاستعارة التصريحية: وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به

2_ الاستعارة المكنية: وهي ما حذف فيها المشبه به،



بسم الله الرحمن الرحيم

حيّاك الله الاًخ الفاضل سيد اًحمد

وبارك لك اًيام وليالي شهر رمضان المبارك

وتقبل سبحانه وتعالى صيامك وقيامك قبولا حسناَ َ اٍنْ شاء الله


ما اًستخلصته من الموضع

ما الاًستعارة اٍلاّ تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه.وبلاغته في التوضيح والتشخيص

بما أن التشبيه لابد فيه من ذكر الطرفين الأساسين وهما (المشبه والمشبه به)

فإذا حذف أحد الركنين لا يعد تشبيهاً بل يصبح استعارة.

كما تفضلت الاًستعارة ـــ تصريحة ومكنية

وتاًتي اًستعاره تمثيلية ـــ واًصلها تشبيه تمثيلي ــــ

وتكثر في الاًمثال عندما يُشبيه موقف جديد بموقف قيل المثل فيه

لكل جواد كبوة ، فمن يزرع الشوك يجن الجراح

تقبل تحياتي وتقديري

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


http://www12.0zz0.com/2010/08/09/16/783455566.gif (http://www.0zz0.com)


اًختكم اًرتقاء

سالي الفلسطينية
11-08-2010, 08:04 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

سيد احمد
11-08-2010, 08:09 PM
زادكم الله من علمه
فرج الرحمن همكم وأنار قلبكم ونفس كربكم ورحم أمواتك وا مواتنا أجمعين
بارك الله فيكم وبكم وسدد الله خطاكم وعافاكم من كل سؤ
أتمنى أن تكونا في أحسن حال و أن يمن الله عليكم بأفضل النعم ويرزقكم الشكر
عليها أتمنى أن تكونا على أتم الصحة والعافية يأرب العالمين يأرب